في مشهد يعيد رسم خرائط التعاون بين الشمال والجنوب، أكدت وزارة الشؤون الخارجية الروسية أن المغرب “شريك مهم” في القارة الإفريقية، عشية زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى موسكو، في محطة دبلوماسية تحمل رسائل متعددة الأبعاد.
علاقات تتجاوز البروتوكول: الصداقة بين محمد السادس وبوتين
أوضحت الدبلوماسية الروسية أن العلاقات بين قائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس والرئيس فلاديمير بوتين، تتسم بالاحترام المتبادل والصداقة الطويلة الأمد.
زيارتا الملك إلى موسكو، سنتي 2002 و2016، أرستا مبدأ الشراكة الاستراتيجية والمعمقة بين البلدين، فيما جاءت زيارة بوتين إلى الرباط سنة 2006 لتكرس البعد العملي لهذه العلاقة.
ومنذ ذلك الحين، تطورت الشراكة لتشمل مجالات الاقتصاد، والعلم، والطاقة، والتبادل الثقافي، ضمن رؤية تستشرف المستقبل وتستند إلى الثقة المتبادلة.
بوريطة ولافروف… حوار على نغمة المصالح المشتركة
من المرتقب أن يجري الوزير ناصر بوريطة مباحثات معمقة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تتناول سبل توسيع التعاون الثنائي، ومناقشة الملفات الإقليمية الساخنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء.
الجانبان سيؤكدان على الحل السياسي والدبلوماسي كخيار وحيد لتسوية الأزمات، في موقف يعكس النهج المتزن للمغرب والبراغماتية الروسية في التعاطي مع القضايا الدولية.
اللجنة المشتركة… اقتصاد بثقافة الثقة
سيترأس بوريطة، إلى جانب نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري باتروشيف، الدورة الثامنة للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، حيث من المتوقع أن تفتح هذه الاجتماعات آفاقًا جديدة للاستثمار المشترك وتفعيل اتفاقيات سابقة ظلت حبيسة الأدراج.
ووفق وزارة الخارجية الروسية، فإن اللقاء سيمنح دفعة قوية لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي، وتثمين الإمكانات الكبيرة التي تزخر بها الشراكة بين البلدين.
المغرب وروسيا… نحو معادلة جديدة في إفريقيا
المغرب الذي شارك بوفود رفيعة في قمم روسيا – إفريقيا سنتي 2019 و2023، يسعى اليوم إلى تثبيت موقعه كشريك استراتيجي لموسكو في القارة، في وقت تتزايد فيه أهمية القارة الإفريقية كمجال للتعاون الجيوسياسي والاقتصادي.
وفي المقابل، تراهن روسيا على المغرب كـ جسر متزن نحو إفريقيا والعالم العربي، بالنظر إلى استقراره السياسي وموقعه الجغرافي وقدرته على بناء توازنات دبلوماسية معقدة.
زيارة بوريطة… خطوة في طريق طويل من الثقة
تختم وزارة الخارجية الروسية بيانها بالتأكيد على أن موسكو تتطلع إلى أن تسهم زيارة بوريطة في تعزيز الشراكة متعددة الأبعاد، ودفع الجهود المشتركة نحو ضمان السلام والاستقرار في المنطقة.
وبذلك، لا تبدو هذه الزيارة مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل محطة جديدة في قصة صداقة طويلة، تتجاوز المصالح إلى رؤية مشتركة لعالم أكثر توازناً وعدلاً.