في تحوّل استراتيجي غير مسبوق، لم تعد الدبلوماسية المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تكتفي بالدفاع عن قضية الصحراء، بل أصبحت تمارس هجومًا دبلوماسيًا استباقيًا يفرض واقعًا سياسيًا وجيوسياسيًا جديدًا في المنطقة.
أمام هذا الزخم، وجدت جبهة البوليساريو نفسها في موقع العاجز، لا تملك سوى إصدار بيان مرتبك يحاول تبرير الفشل بـ”لغة ناعمة”، تخفي خلفها هزيمة سياسية صريحة.
بيان بلا مضمون.. واعتراف ضمني بنهاية اللعبة
البيان الأخير للجبهة الانفصالية لم يحمل جديدًا، بل كشف عن إفلاس في الخطاب والرؤية. فبعد عقود من لغة “الكفاح المسلح” و”تقرير المصير”، انتقلت الجبهة اليوم إلى الحديث عن “التهدئة” و”الحوار” و”إعادة بناء الثقة”.
إنها لغة التنازل المقنّع التي تعكس إدراكًا داخليًا بأن أوراق اللعبة انتهت، وأن الزمن لم يعد يعمل لصالح مشروعٍ فقد كل شرعية سياسية وشعبية.
حتى الدعوة إلى “السلام” لم تعد مبدئية، بل صرخة استغاثة في لحظة الانكسار، ومحاولة للبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه بعد أن أحكم المغرب قبضته الدبلوماسية والإقليمية على مسار الملف.
الرهان على الخارج.. ورقة الجزائر المحروقة
تراجع خطاب “البوليساريو” لا يمكن فصله عن التحولات في موقف الجزائر، التي بدت عاجزة عن الدفاع حتى عن روايتها أمام العواصم الدولية.
لقد أدركت الجزائر أن ورقة الانفصال فقدت قيمتها التفاوضية، وأن دعمها المستمر لجبهة تآكلت داخليًا أصبح عبئًا سياسيًا وماليًا.
أما “التدويل” الذي طالما راهنت عليه الجبهة، فقد انتهى فعليًا، بعدما أصبحت الهيئات الأممية والدول الكبرى تنظر إلى الملف بمنطق الواقعية، وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية الحل الوحيد الجاد وذي المصداقية.
المغرب يكتب فصول النصر بهدوء وثبات
في مقابل ذلك، يواصل المغرب فرض واقعه على الأرض من خلال سياسات تنموية واستثمارات استراتيجية غير مسبوقة في الأقاليم الجنوبية، إلى جانب الزخم الدولي الداعم لمغربية الصحراء.
- افتتاح القنصليات في العيون والداخلة يعكس اعترافًا متزايدًا بسيادة المملكة على كامل أراضيها.
- المشاريع الكبرى التي أطلقتها الدولة المغربية في البنية التحتية والاقتصاد تجعل الصحراء رافعةً جديدة للنمو الوطني.
- قرارات مجلس الأمن الأخيرة تسير في اتجاه دعم الحل السياسي الواقعي المتمثل في الحكم الذاتي.
نهاية وهم الانفصال.. وبداية مرحلة ما بعد البوليساريو
البيان الأخير للجبهة ليس موقفًا سياسيًا، بل نعيٌ مؤجلٌ لأطروحة وُلدت من الوهم وماتت أمام الواقع.
فقدت “البوليساريو” حلفاءها، وتلاشت شرعيتها، وباتت تعيش على بلاغات ورقية تُوقع على رمال التاريخ.
أما المغرب، فماضٍ بثبات في ترسيخ سيادته وتكريس التنمية في صحرائه، لا يلتفت إلى الأصوات التي سقطت من خريطة التأثير.
الصحراء مغربية… والواقع اليوم صار أقوى من كل خطاب.















