المغرب يعيد للصمت صوته.. مبادرة إنسانية تمنح الأطفال فرصة سماع الحياة

أسماء القاسمي20 فبراير 2025آخر تحديث :
المغرب يعيد للصمت صوته.. مبادرة إنسانية تمنح الأطفال فرصة سماع الحياة

في خطوة تعكس التزام المغرب بمبادئ التضامن والتعاون جنوب-جنوب، أطلقت مؤسسة للا أسماء للصم وضعاف السمع المرحلة الثالثة من برنامجها الإنساني “متحدون، نسمع بشكل أفضل”، تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء.

هذه المبادرة، التي تشهد عامًا بعد عام توسعًا ملحوظًا، تهدف إلى منح مائة طفل من المغرب و17 دولة أخرى فرصة استعادة سمعهم من خلال عمليات زراعة القوقعة الإلكترونية.

برنامج يمتد من المغرب إلى إفريقيا والشرق الأوسط

شهدت مدن الرباط، الدار البيضاء، مراكش وفاس انطلاق سلسلة من العمليات الجراحية، أشرف عليها أطباء متخصصون في المراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفى العسكري الدراسي محمد الخامس بالرباط.

وبفضل هذا البرنامج، توافدت أسر من فلسطين ولبنان وسوريا وكينيا وساحل العاج، أملاً في أن يحظى أطفالها بحياة طبيعية بعد معاناة مع فقدان السمع.

دعاء الخاروف، التي قدمت من نابلس بفلسطين، عبرت عن امتنانها العميق قائلة: لم يكن لدي أمل في أن يسمع ابني الأصوات من حوله، لكن بفضل هذه المبادرة، أراه اليوم يخطو نحو مستقبل جديد.” أما إليزابيث، القادمة من ولاية كنتاكي الأمريكية رفقة حفيدتها الكينية بالتبني، فقالت: هذه الجراحة فتحت أمامها نافذة لاكتشاف العالم والتواصل مع الآخرين.”

إنجاز طبي غير مسبوق في المغرب

في إنجاز طبي لافت، نجح فريق المستشفى العسكري في إجراء أول عملية زرع قوقعة لطفل يقل عمره عن سنة، وهو إنجاز استثنائي نظرًا لأن مثل هذه العمليات عادة ما تجرى بعد بلوغ الطفل عامه الأول. الدكتور فؤاد بنعريبة، رئيس قطب جراحة الرأس والعنق، أشار إلى أن الجراحة التي أجريت للطفل الفلسطيني كانت معقدة بسبب تشوه خلقي في الأذن، لكننا نجحنا في إعادته إلى عالم الأصوات.”

إجمالًا، خضع 16 طفلًا لعمليات زراعة القوقعة، من بينهم 7 أطفال من كينيا، 4 من فلسطين، 3 من لبنان، بالإضافة إلى طفلين من سوريا وساحل العاج.

نقل الخبرات.. خطوة نحو الاستقلال الطبي في إفريقيا

إلى جانب العمليات الجراحية، أولت مؤسسة للا أسماء أهمية خاصة لتكوين الأطباء والمختصين في جراحة الأنف والأذن والحنجرة، حيث شهدت كلية الطب والصيدلة بالرباط دورات تدريبية متقدمة، شارك فيها أطباء من دول إفريقية وعربية.

عبد العزيز الراجي، رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش، شدد على أهمية هذه الدورات قائلاً: هدفنا ليس فقط إنقاذ الأطفال من عالم الصمت، بل أيضًا منح الأطباء المهارات اللازمة لإجراء هذه العمليات في بلدانهم مستقبلاً.”

من جانبه، أوضح البروفيسور كيتا عبدواللاي، رئيس مصلحة الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى “دونكا” بكوناكري، أن هذه المبادرة تضع الأسس لنقلة نوعية في قطاع الصحة بإفريقيا: بعد عام أو عامين، سنتمكن من إجراء هذه العمليات بأنفسنا، ما سيحدث تحولًا كبيرًا في حياة آلاف الأطفال.”

رؤية ملكية تترجم إلى مبادرات ملموسة

يجسد برنامج “متحدون، نسمع بشكل أفضل” رؤية المغرب في دعم القضايا الإنسانية وتعزيز التعاون مع دول الجنوب، بما يتماشى مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

فهذه المبادرة، التي تمزج بين البعد الإنساني والطبي والعلمي، تعيد الأمل لأطفال ولدوا في عزلة صامتة، وتفتح أمامهم أبواب المستقبل، بقدرة على السمع، التعلم، والاندماج في مجتمعاتهم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة