رغم انحدار أسعار النفط عالميًا إلى ما دون 65 دولارًا للبرميل، لا تزال أسعار الوقود في المغرب تُحلّق عند مستويات غير مسبوقة، مما فجّر موجة تساؤلات واستياء واسع في أوساط المواطنين.
هذا التناقض الحاد أعاد إلى الواجهة جدل الشفافية في تسعير المحروقات، ودور الهيئات الرقابية، وعلى رأسها مجلس المنافسة، في وضع حد للاختلالات.
بين جيوب مستنزفة وثقة مهدورة
يحاصر الغلاء يوميات المغاربة، وسط ارتفاع مستمر في أسعار البنزين والغازوال، في وقت يفترض أن تنخفض الأسعار تماشيًا مع حركة السوق الدولية.
هذا الوضع فتح الباب أمام اتهامات متجددة بوجود تحكم غير مشروع بالسوق واحتكار ضمني من قبل كبرى شركات التوزيع، ما فاقم الشعور بفقدان الثقة في آليات التسعير المعتمدة.
شبح التنسيق السري يعود
مراقبون يرون أن السوق المغربية للمحروقات تعيد إنتاج ممارسات قديمة، من خلال تطابق شبه كامل في الأسعار بين مختلف الشركات، رغم اختلاف تكاليف الشراء.
هذه الصورة تعيد للأذهان قضايا سابقة انتهت بتغريم الشركات بسبب شبهات “التنسيق الممنوع”، مما يطرح علامات استفهام كبيرة حول حقيقة المنافسة الحرة في القطاع.
البرلمان يتحرك ويطالب بتوضيحات
تفاعلاً مع الغضب الشعبي، وجّه محمد أوزين، النائب البرلماني، سؤالًا مكتوبًا إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، يطالب فيه بكشف أسباب هذا الجمود السعري، متسائلًا عن مدى مشروعية هوامش الأرباح التي تحقّقها شركات التوزيع في ظل انخفاض الكلفة العالمية.
تداعيات تتسع.. والمواطن يدفع الثمن
لم تقتصر تداعيات ارتفاع أسعار الوقود على أصحاب المركبات، بل امتدت لتشمل ارتفاعًا عامًا في كلفة النقل والإنتاج، مما تسبب في موجة غلاء جديدة للمواد الأساسية والخدمات، وسط ظروف اقتصادية خانقة تضيق الخناق على الأسر المغربية.
دعوات إلى كسر جدار الغموض
في ظل تفاقم الأزمة، ترتفع الأصوات مطالبة بإجراءات ملموسة لإرساء الشفافية في تحديد الأسعار، وتفعيل دور مؤسسات الرقابة لردع كل ممارسات منافية لقواعد المنافسة.
فاستعادة ثقة الشارع المغربي باتت مشروطة بقرارات حاسمة تضع حدًا لهذا الوضع، وتعيد التوازن إلى سوق يعاني منذ سنوات من اختلالات عميقة.
في انتظار أجوبة مقنعة وإجراءات حازمة، تظل أسعار المحروقات عنوانًا للألم اليومي الذي يثقل كاهل المواطن المغربي، ويطرح بإلحاح سؤالًا كبيرًا: إلى متى؟