رحلة الدولار من القمة إلى التراجع: قراءة في الأسباب والتداعيات

فؤاد القاسمي26 أبريل 2025آخر تحديث :
رحلة الدولار من القمة إلى التراجع: قراءة في الأسباب والتداعيات

تراجع الدولار الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة بشكل لافت، مثيرًا موجة تساؤلات حول دوافع هذا الانخفاض ومآلاته على الاقتصادين الأمريكي والعالمي.

من زخم الانتخابات إلى بداية الانحدار

في خريف 2024، وبينما كانت الولايات المتحدة تعيش على وقع الانتخابات الرئاسية، صعد الدولار مدعومًا بانتعاش اقتصادي نسبي وتوقعات بسياسات تجارية أكثر صرامة تحت إدارة دونالد ترامب.

الفوز المفاجئ عزز من قوة العملة الخضراء، إذ راهن المستثمرون على زيادات متتالية في أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتوقع بفعل الحروب التجارية القادمة.

لكن مع مرور الوقت، بدأت الرياح تعاكس السفينة، تفاصيل التعريفات الجمركية، التي اتسمت بتذبذب بين التصعيد والتهدئة، خصوصًا مع الصين، أضعفت الثقة وأربكت توقعات الأسواق.

ضغوط متعددة تهوي بالدولار

  • تباطؤ النمو الأمريكي:  مؤشرات على فتور اقتصادي بددت الرهانات على استمرار صعود الدولار.
  • صراع البيت الأبيض مع الفيدرالي:  انتقادات ترامب اللاذعة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بسبب إحجامه عن خفض أسعار الفائدة، أضعفت صورة البنك المركزي وزعزعت الثقة بالسياسة النقدية.
  • مخاوف المستثمرين: حالة من القلق دفعت إلى تخارج واسع من الأصول الأمريكية، متسببة في ضغوط متزايدة على الدولار والسندات الحكومية.

ماذا يعني تراجع الدولار؟

في الداخل الأمريكي، ضعف الدولار يعني ارتفاع تكلفة السفر والتسوق في الخارج، بينما يشكل فرصة ذهبية للسياح الوافدين.

على الصعيد الدولي، تظل تداعيات التراجع واسعة: من ارتفاع القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية، إلى خفض كلفة السلع المسعرة بالدولار مثل النفط للدول الأخرى.

ورغم أن الدولار لا يزال يحتفظ بمكانته كعملة احتياطية أولى، إلا أن تراجعه يضع علامات استفهام حول استدامة هذه الهيمنة في عالم مالي سريع التغير.

بين المفاجأة والسياق التاريخي

تقليديًا، يلجأ المستثمرون إلى الدولار كملاذ آمن في أوقات الشك والأزمات، غير أن التراجع الحالي، خاصة في سياق ارتفاع التوترات التجارية والسياسية، كسر هذه القاعدة الذهبية.

يرى محللون أن “يوم التحرير” الذي أطلقه ترامب بفرض تعريفات جمركية واسعة كان نقطة التحول، دافعًا الأسواق لإعادة حساباتها.

السيناريوهات المقبلة: عودة أم استمرار في الهبوط؟

رغم مؤشرات محتملة على تعافٍ محدود للدولار في الأفق القريب، إلا أن استعادة مستوياته السابقة تبدو مهمة صعبة دون استقرار سياسي واقتصادي حقيقي.

استمرار الضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي قد يهدد أحد أهم أعمدة الاستقرار النقدي في الولايات المتحدة: استقلالية البنك المركزي.

الدولار… مرآة العالم المالية

في عالم يرتكز على الدولار كمحور رئيسي للمعاملات والاحتياطيات، أي تغيير في قيمته لا يبقى محصورًا داخل الحدود الأمريكية.

ومع تصاعد التوترات الاقتصادية، تبقى أنظار العالم معلقة على مسار العملة الخضراء، في انتظار ما ستُسفر عنه سياسات واشنطن خلال الأشهر القادمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة