مع اشتداد موجات الحرارة وتدفق المصطافين نحو شواطئها الساحرة، اختارت مدن فرنسية عدة أن تُعلن صيف 2025 “صيفاً للذوق العام“، عبر قرارات جريئة تقضي بفرض غرامات على من يتجولون دون قمصان أو بملابس سباحة فقط في الشوارع العامة.
150 يورو.. ثمن “قليل من اللباس” خارج الشاطئ
القرارات، التي دخلت حيز التنفيذ بالتزامن مع ذروة موسم الاصطياف، تفرض غرامات تصل إلى 150 يورو على المخالفين، حتى لو كانوا قادمين لتوّهم من البحر.
الرسالة واضحة: الشاطئ له قوانينه، والمدينة لها احترامها.
من نيس إلى أركاشون.. السياحة تحت رقابة الذوق العام
مدن فرنسية معروفة بجاذبيتها السياحية، مثل نيس، كاسيس، أركاشون، ولا غران موت، سارعت إلى تبني هذه الإجراءات، التي اعتبرها مسؤولو البلديات محاولة لتوازن رفيع بين الحرية الفردية واحترام الفضاء الجماعي.
عمدة مدينة Les Sables-d’Olonne، يانيك مورو، أكد أن القرار جاء استجابة لرغبة السكان المحليين في الحد من مظاهر “شبه العري” التي تجتاح الشوارع في كل صيف.
بلد الحريات.. ولكن بحدود المكان
رغم أن فرنسا تُعد من أكثر البلدان الأوروبية انفتاحاً على ثقافة العري، وتضم أكثر من 460 موقعاً مخصصاً للسياحة الطبيعية والعراة، إلا أن السلطات تحرص على الفصل بين الفضاءات الخاصة والفضاءات المشتركة.
وفي هذا السياق، تبقى جزيرة “إيل دو لوفان“ نموذجاً فريداً، حيث يُسمح بالعري الكامل وفق ضوابط واضحة، منذ التسعينيات.
نقاش أعمق: أين تنتهي الحرية وتبدأ حدود الذوق؟
القرارات فتحت الباب أمام نقاش متجدد حول الحرية الفردية، والسلوك العام، وحدود اللباس في الفضاء العمومي.
فهل نعيش في زمن يحتاج إلى فرض القواعد من أجل حماية الراحة الجماعية؟
أم أن مثل هذه الإجراءات تخنق روح الصيف وحيويته تحت مسمى “الانضباط السلوكي”؟
ما بين جسد حر وفضاء مشترك.. فرنسا تبحث عن التوازن
الواقع أن ما يحدث في شوارع فرنسا هذا الصيف يتجاوز اللباس، ليصل إلى أسئلة أعمق عن معنى المشاركة، والاحترام، والهوية الثقافية في زمن السياحة السريعة والاختلاط العابر.