تشهد الساحة الرقمية في المغرب تصعيدًا مثيرًا للجدل، بعد أن تحوّلت عمليات تجميد الحسابات البنكية لمتداولي العملات الرقمية عبر منصات P2P من مجرد حالات معزولة إلى ظاهرة مقلقة تهدد مستقبل الأصول الرقمية في المملكة وتطرح علامات استفهام حول الخلفيات التنظيمية والتداعيات الاقتصادية.
منصات P2P تحت المجهر… من بوابة الحرية إلى ساحة التضييق
جذبت منصات التداول من نوع Peer to Peer آلاف المغاربة الباحثين عن سيولة سريعة ومرونة في اقتناء عملات رقمية مثل البيتكوين (Bitcoin) والتيثر (USDT)، خارج القيود التقليدية للبنوك.
لكن هذه المنصات أصبحت اليوم تحت نيران الرقابة البنكية، حيث تواجه معاملات المستخدمين قيودًا غير معلنة بدعوى الاشتباه في مصادر الأموال.
خلفيات التجميد… خليط من الحذر المالي والفراغ التشريعي
تتعدد الأسباب التي تقف خلف هذا التوجه، أبرزها:
🔹 التزام البنوك المغربية بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
🔹 غياب قانون صريح يُنظم تداول العملات الرقمية، ما يدفع البنوك لاعتماد مواقف احترازية صارمة.
🔹 الاشتباه في التحويلات المالية الكبيرة وغير المبررة، خاصة عبر القنوات البديلة.
توصيات غير مكتوبة أم توجّه منظّم؟
رغم غياب أي قرار رسمي بحظر العملات الرقمية، تشير معطيات متداولة إلى توجيهات غير معلنة من بنك المغرب تدعو البنوك إلى التعامل بحذر شديد مع هذا النوع من المعاملات.
ويُفسَّر هذا الحذر بالارتفاع المتزايد في حالات التجميد، والتي أصبحت تُنفذ بشكل استباقي دون قرار قضائي واضح.
المتداولون في مرمى الأزمة… حسابات معلّقة ومعاناة مالية
يتكبد المستخدمون المتضررون خسائر عملية مباشرة، من تعطيل حساباتهم البنكية، إلى حرمانهم من تنفيذ معاملات أساسية تتعلق بأعمالهم أو احتياجاتهم اليومية.
كما يجد كثيرون صعوبة في تبرير مصدر أموالهم، في ظل غياب معايير بنكية واضحة لقبول أو رفض تلك التبريرات.
المشهد يزداد تعقيدًا… والرقابة تسبق التنظيم
تسلّط هذه التطورات الضوء على صراع خفي بين الديناميكية الرقمية والجمود التنظيمي، إذ تتقدم الممارسات التكنولوجية بوتيرة أسرع من التشريعات، ما يُبقي مستخدمي العملات الرقمية في منطقة رمادية قانونيًا ومصرفيًا.
فُسحة أمل أم طريق مسدود؟
بين التوسع العالمي في استخدام الأصول الرقمية، والتحفظ التنظيمي محليًا، يبقى مستقبل العملات المشفّرة في المغرب رهين تحرك تشريعي وطني متوازن يواكب الثورة المالية العالمية دون المساس بالأمن المالي للبلاد.
هل يتّجه المغرب نحو تأطير قانوني يضمن الحماية والابتكار معًا؟
الشارع الرقمي ينتظر الإجابة… والمؤسسات مطالبة بكسر الصمت التنظيمي.