استنفرت كميات ضخمة من الكازوال المهرّب إلى السوق السوداء الأجهزة الجمركية، حيث تحركت الفرقة الوطنية للجمارك بسرعة قصوى، مدعومة بمعطيات دقيقة وفّرتها خلية اليقظة وتدبير المخاطر، لتعقّب مسارات تسرب هذه المادة الحيوية من أوراش البناء والوحدات الصناعية.
تحقيقات ميدانية في مثلث الاشتباه: البيضاء – الجديدة – طنجة
باشرت فرق التفتيش تحريات ميدانية دقيقة لتفكيك شبكة تهريب الكازوال، من خلال تتبّع عمليات النقل والتوزيع غير المشروعة، والتي تتخذ من ضواحي الدار البيضاء، الجديدة، وطنجة مناطق مركزية لعملياتها. وتتركز التحقيقات على التلاعب بالفوترة وأوامر المهام ونقط التخزين السرية.
ثغرات داخل الشركات الكبرى: “الكازوال” يُباع تحت غطاء النفقات الجارية
كشفت التحريات الأولية عن استغلال شركات كبرى ثغرات محاسبية لتسريب المحروقات، حيث يتم التلاعب بالكميات المتبقية في خزانات آليات الحفر والضخ والإنارة، وتسجيلها كمصاريف تشغيل وهمية. ويتم بعد ذلك تفريغ المادة في صهاريج صغيرة تمهيدًا لتخزينها في “هنكارات” عشوائية، بعضها مقام على أراضٍ فلاحية.
وثائق مزورة وصهاريج متنقلة: شبكة منظمة بتكتيك محكم
أكدت مصادر مطلعة أن الشبكات المتورطة تعتمد على تزوير الفواتير وأوامر المهام للاستحواذ على كميات إضافية من الكازوال، ثم تعبئتها في صهاريج متنقلة سعتها ألف لتر، تُنقل بشاحنات خفيفة إلى مستودعات سرّية. وتعتمد هذه العصابات على التمويه والسرّية، مع تفادي المراقبة على المحاور الطرقية الحيوية.
سوق سوداء مشتعلة: بيع ليلي ووسط أحياء سكنية
تحركات الشبكة لا تقتصر على الورشات والمناطق الصناعية؛ بل توسعت مؤخرًا إلى أحياء سكنية لتصريف المحروقات المهرّبة لفئات جديدة، أبرزها سائقو تطبيقات النقل الحضري (VTC). ويتم البيع ليلاً، عبر سماسرة محترفين، بأسعار تقل عن السوق، ما يعزز رواج السوق السوداء.
إخباريات وشكايات تفكك الخيوط الأولى للشبكة
تلقت إدارة الجمارك إشعارات متعددة من شركات توزيع وأرباب محطات وقود حول اختلالات مشبوهة في مسارات التزود، وهو ما فعّل سلسلة تحقيقات وتقاطع معطيات للتثبت من طبيعة المخالفات ونقاط تخزين المحروقات المشبوهة.
الإصلاح التشريعي قادم.. لكن التنفيذ مؤجل
رغم خطورة الظاهرة، لا تزال إلزامية “التأشير الجبائي” على المحروقات، والتي تهدف إلى تعقب الكازوال وتحديد مصدره، مؤجلة إلى يناير 2026، ما يمنح هذه الشبكات هامشًا أكبر للمناورة. وأكدت الجمارك أن التأجيل مرتبط بالاستعدادات التقنية الضرورية لتنفيذ الإجراء بشكل فعّال وشامل.
الزبناء: فلاحون ومقاولون ونقالة
تستهدف الكميات المهربة زبناء محددين: فلاحون ومسيرو ضيعات زراعية تعتمد على الضخ بمحركات ديزل، إضافة إلى مقاولين صغار في مجال الأشغال والبناء وكراء الآليات. ومع توسع الشبكة، تم رصد ترويج الكازوال لفائدة سائقي النقل الحضري، ما يعقّد جهود الضبط والمراقبة.