“الملاءمة أو المواجهة”.. الشركات تحت مجهر لجنة حماية المعطيات
شرعت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في تفعيل آليات المراقبة بوتيرة متسارعة، ضمن برنامج “ملاءمة المقاولات”، الذي يهدف إلى فرض الالتزام الصارم بمقتضيات القانون 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين إزاء معالجة المعطيات الشخصية.
مصادر مطلعة كشفت أن اللجنة رفعت من وتيرة مراقبتها، حيث أطلقت مراسلات رسمية إلى مئات المقاولات المعنية، تطالبها بإصلاح الخروقات المحتملة وتعديل سياساتها وفقاً للإطار التشريعي الجاري به العمل.
إنذارات حازمة وتوجيهات دقيقة قبل نهاية ماي
اللجنة دعت بشكل مباشر المقاولات إلى القيام بالإشعارات الضرورية بشأن عمليات المعالجة والمسؤولين عنها، والحصول على التراخيص القانونية قبل متم شهر ماي الجاري، مشددة في الوقت ذاته على التزامها بتوفير المواكبة والمعلومة لفائدة الفاعلين الاقتصاديين لضمان التقيّد بالمعايير القانونية.
القانون واضح… والعقوبات أكثر وضوحًا
رسائل اللجنة لم تكن دبلوماسية، بل ذكّرت بشكل صريح بالعقوبات المنصوص عليها في القانون 08-09، خصوصًا في المواد من 51 إلى 57، التي تتعلق بمواضيع حساسة: من المس بالأمن أو النظام العام، إلى معالجة غير قانونية أو غير أخلاقية للمعطيات، مرورًا بعدم التصريح بالمعالجة، أو الاستمرار في نشاطات المعالجة رغم سحب التراخيص.
معالجة بلا رضا؟ الاحتفاظ غير المشروع؟ العقوبة قادمة
كما حذّرت اللجنة من ممارسات مثل معالجة المعطيات دون موافقة المعني بالأمر (المادة 56)، أو التعامل مع معطيات حساسة دون إذن صريح (المادة 57)، إضافة إلى الاحتفاظ بالمعطيات لمدد غير قانونية (المادة 55). كل هذه الخروقات تضع المسؤولين على المحك، وتجعلهم عرضة لإجراءات تأديبية وزجرية.
قرصنة CNSS تُشعل فتيل التحرك الرقابي
وتزامن تسريع وتيرة المراقبة مع الهزة الأمنية التي تسببت فيها عملية قرصنة واسعة استهدفت قواعد بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث تسربت معطيات شخصية لعدد كبير من الأجراء.
هذا الحادث ألقى بظلاله على المشهد الرقمي بالمغرب، ورفع من منسوب القلق حول مدى احترام الفاعلين الاقتصاديين لخصوصية البيانات.
منصة شكاوى مفتوحة.. والرد قد يكون ميدانيًا أو قضائيًا
في ظل هذا السياق، أكدت اللجنة الوطنية أنها تتيح للأجراء والمواطنين آليات لرفع شكاوى مباشرة عبر موقعها الإلكتروني، أو من خلال الهاتف والفاكس. وفي حال ثبوت الخروقات، تبدأ اللجنة بتوجيه إنذارات للمقاولات المعنية، تليها زيارات ميدانية للمعاينة، ثم إحالة الملفات على النيابة العامة في حال رفض التصحيح والانضباط للقانون.
خلاصة المشهد: من لم يُساير ركب الامتثال، قد يواجه الزجر
الرسالة باتت واضحة: زمن التساهل مع انتهاكات المعطيات الشخصية ولى. اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات تُطلق مرحلة جديدة من الحزم والرقابة، وتضع خصوصية الأفراد في صدارة أولوياتها. الشركات مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالتفكير في “الملاءمة” كخيار لا مفر منه.