تواصل المديرية العامة للضرائب (DGI) تسريع تنفيذ استراتيجيتها الجديدة في مجال تحصيل الديون الضريبية، معتمدة على مزيج متوازن من الحزم الإداري، والابتكار الرقمي، والتنسيق المؤسسي.
ورغم بيئة اقتصادية متقلبة، تمكنت DGI من تسجيل قفزة نوعية في مداخيل التحصيل الإجباري، ما يعكس تحوّلًا في طريقة إدارة الجبايات العمومية.
قفزة في التحصيل الإجباري.. 5.53 مليار درهم في سنة واحدة
أرقام 2024 كانت لافتة، حيث نمت عائدات التحصيل الإجباري بنسبة 21% لتصل إلى 5.53 مليار درهم، وهو ما يمثل ثلث النمو العام لمداخيل الضرائب.
هذا الأداء جاء ثمرة استراتيجية دقيقة تستهدف المدينين بدقة متناهية، وتوظف أدوات رقمية متطورة بتنسيق مع شركاء مؤسساتيين كـبنك المغرب والمديرية العامة للأمن الوطني.
التحصيل الودي ما يزال مهيمنًا.. لكن اليد الصارمة حاضرة
رغم أن المسطرة الودية ما تزال تُمثل 66.3% من حصيلة التحصيل، فإن المديرية لم تتردد في تفعيل الآليات القسرية عند الضرورة.
إجراءات مثل الحجز الاحتياطي على الحسابات والعقارات، والإشعارات الإدارية، ساهمت بـ 16.7% من العائدات، في إشارات واضحة على تحوّل في عقلية التطبيق.
الرقمنة في صلب المعركة.. نحو إدارة ضريبية ذكية
شكلت الحلول الرقمية العمود الفقري لهذا التحول، بدءًا من الإشعارات الإلكترونية لأول مرة وفق المادة 219-II من المدونة العامة للضرائب، وصولًا إلى ربط الأنظمة الضريبية مع قواعد بيانات الجمارك والحسابات البنكية.
هذا الربط مكّن من تحديد أكثر من 93 ألف حساب بنكي تتجاوز أرصدتها مجتمعة 10.4 مليار درهم.
شراكات ذكية.. وتحالف مؤسساتي في خدمة التحصيل
المديرية عززت استراتيجيتها عبر شراكات فعالة:
- الأمن الوطني قدّم بيانات عن أكثر من 4700 فعل.
- الجمارك سوّت قرابة 200 ملفًا بقيمة 41 مليون درهم.
- بالإضافة إلى عمليات كـ«مراكبة» التي استهدفت الضريبة على المركبات المهنية بالتعاون مع وزارة النقل.
تحصيل استباقي ومدينون جدد في دائرة الجباية
اعتمدت DGI على حملات توعوية استباقية مكّنتها من تحصيل 397 مليون درهم من مدينين جدد، في إطار تحفيز الالتزام الطوعي وتقليص دائرة التملص.
تحدي الديون المتراكمة.. 3.79 مليون ملف تنتظر الحسم
ورغم هذه المكاسب، تظل الديون الضريبية المتراكمة تحديًا ثقيلًا، إذ ارتفع عدد الملفات غير المحصّلة إلى 3.79 مليون حالة بنهاية 2024، بزيادة 23% مقارنة بالعام السابق.
- تمثل الضريبة المهنية 31% من مجموع الديون، تليها الضريبة على الدخل (20%)، ثم الشركات (17%) والقيمة المضافة (16%).
- وسُجل أكثر من 13 ألف ملف تتجاوز قيمته مليون درهم، ما يصعّب إجراءات التحصيل بشكل أكبر.
نحو نموذج ضريبي متوازن وفعال
بين الصرامة القانونية والمرونة المؤسساتية، تمضي DGI بثبات نحو بناء إدارة ضريبية أكثر فاعلية وشفافية. ورغم أن التحديات كبيرة، فإن الرهان اليوم هو تحقيق توازن بين تحصيل عادل وحماية دافعي الضرائب، بما يعزز استدامة المالية العمومية ويدعم مناعة الاقتصاد الوطني.