في تطور علمي يحمل أبعادًا استراتيجية غير مسبوقة، كشفت دراسة مغربية حديثة عن كميات ضخمة من اليورانيوم الخفي داخل صخور الفوسفات، ما يفتح الباب أمام المغرب للدخول بقوة إلى نادي الدول المنتجة للوقود النووي، ويعيد رسم ملامح أمنه الطاقي والمائي في ظل أزمات عالمية خانقة.
من الفوسفات إلى اليورانيوم: ثروة تحت الأنظار
المغرب، الذي يحتل صدارة العالم في احتياطي وتصدير الفوسفات (أكثر من 70% من الاحتياطي العالمي)، بات اليوم مرشحًا ليصبح أحد أكبر مصادر اليورانيوم غير التقليدي، وفق دراسة منشورة بمجلة Radiation Physics and Chemistry، أشرف عليها فريق من جامعة شعيب الدكالي بالجديدة.
فرصة استراتيجية في زمن الأزمات
يتزامن هذا الكشف مع تزايد الطلب الوطني على الطاقة وشح المياه بفعل تغير المناخ.
ويُطرح الربط بين تحلية مياه البحر والطاقة النووية كخيار مستقبلي ملحّ، لكن كان يُعيقه تأمين الوقود النووي.
اليوم، أصبح هذا التحدي نقطة انطلاق واعدة.
الدراسة تشير إلى أن 6.9 مليون طن من اليورانيوم القابل للاستخلاص مخبأة داخل الفوسفات المغربي، ما يكفي لتغيير قواعد اللعبة في مجال الطاقة النووية.
ثلاث تقنيات واعدة لاستخلاص اليورانيوم
وفقًا للدراسة، توجد 3 مسارات تقنية رئيسية:
- الاستخلاص بالمذيبات العضوية
- فعالة ومجربة تجاريًا
- لكنها تتطلب حلولًا بيئية لتقليل النفايات السامة
- التبادل الأيوني باستخدام الراتنجات
- فعال في التركيزات الضعيفة
- لكن بكلفة تشغيلية وصيانة مرتفعة
- الفصل بالأغشية النانوية
- تقنية نظيفة ومبتكرة
- لكنها ما تزال تحتاج إلى استثمارات كبيرة لتصنيعها على نطاق واسع
مكاسب استراتيجية محتملة
إذا تم الاستثمار في هذا المورد بشكل مستدام وآمن، فالمغرب قد يحقق:
- استقلالًا طاقيًا وتوفير وقود محلي للمفاعلات النووية المستقبلية
- دفع مشاريع تحلية المياه بطاقة نووية منخفضة التكلفة
- تصدير اليورانيوم غير التقليدي إلى دول ناشئة تبحث عن بدائل للوقود النووي
- تعزيز النفوذ الجيوسياسي المغربي على مستوى الطاقة النظيفة والاقتصاد الاستراتيجي
لكن الطريق ليس مفروشًا باليورانيوم
رغم الجاذبية الاستراتيجية، تواجه المملكة عدة تحديات حاسمة:
- كلفة الاستخلاص العالية
- غياب صناعة نووية متكاملة
- الحاجة لإطار قانوني صارم للأمان النووي
- ضرورة التحكم في المخاطر البيئية ومعالجة النفايات المشعة
نحو مغرب نووي؟ الحلم ممكن ولكن بشروط
يبقى هذا الاكتشاف فرصة تاريخية أمام المغرب لإعادة تموضعه في سوق الطاقة العالمي. لكن بين الإمكانيات الهائلة والتحديات الواقعية، تتطلب الخطوة التالية إرادة سياسية، واستثمارًا علميًا، وبيئة قانونية دقيقة تجعل من “اليورانيوم الخفي” مشروعًا سياديًا حقيقيًا.