تعاني المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة (TPME)، التي تمثل أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي المغربي، من وضع حرج يهدد بقاءها واستمراريتها. ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون هذه المقاولات قاطرة للتنمية وخلق فرص الشغل، تواجه اليوم عقبات متزايدة تهدد اقتصادًا بأكمله.
فراغ استراتيجي: غياب خطة حكومية واضحة
يُشير رئيس الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، رشيد الورديغي، والمحلل الاقتصادي محمد جدري، إلى أن غياب استراتيجية حكومية فعالة يُفاقم مشاكل القطاع. رغم تخصيص قانون المالية لسنة 2025 حوالي 340 مليار درهم للاستثمارات، تبقى حصة هذه المقاولات ضئيلة، بينما قوانين صادرة منذ سنوات مثل تخصيص 20% من الصفقات العمومية لها لا تزال دون تفعيل بسبب غياب المراسيم التطبيقية.
العقبات الإدارية تضيق الخناق
لا تتوقف الصعوبات عند هذا الحد، فالوزارات والإدارات الحكومية تفرض شروطًا تعجيزية للولوج إلى الصفقات العمومية، مثل اشتراط أرقام معاملات ضخمة أو خبرة سابقة، مما يُبعد المقاولات الصغيرة عن المنافسة ويكرّس استحواذ الشركات الكبرى على السوق.
الأزمة المالية: التمويل والشروط الصعبة
تشير الدراسات إلى أن 90% من هذه المقاولات تُعاني من صعوبة الولوج إلى التمويل بسبب شروط وضمانات بنكية صارمة، فيما تواجه 70% منها تأخرًا في آجال الأداء من طرف الإدارات العمومية، ما يُضعف سيولتها ويهدد استمرارها.
ضغوط ضريبية تهدد الاستمرارية
في ظل رفع الضريبة على المقاولات الصغيرة من 10% إلى 20% في قانون المالية لعام 2023، أصبحت هذه الشركات تدفع نفس ما تدفعه الشركات الكبرى، في خطوة اعتبرها المهنيون غير عادلة وتزيد من خطر الإفلاس. كما تفتقر الحكومة إلى تدابير ضريبية محفزة لدعم هذه الفئة الحيوية.
منافسة غير عادلة وتقليص فعالية البرامج الدعم
تشكل المنافسة غير المتكافئة تهديدًا إضافيًا، حيث تسيطر الشركات الكبرى على الصفقات، بينما يلجأ البعض إلى تأسيس شركات “صغيرة على الورق” للاستفادة من برامج الدعم، ما يفرغ هذه المبادرات من مضمونها. كما يمثل القطاع غير المهيكل منافسًا صعبًا يضعف جهود التنمية ويستنزف القدرة التنافسية للمقاولات الصغيرة.
إنذار متزايد: أرقام الإفلاس تزداد
تشير الأرقام إلى أن 33 ألف مقاولة أفلست خلال العام الماضي، مع توقعات بوصول الرقم إلى 40 ألفًا هذا العام. إنقاذ هذه المقاولات لا يمثل مجرد دعم اقتصادي، بل استثمار في فرص العمل واستقرار النسيج الاقتصادي الوطني.