إعداد : حسين أزهر
في زمن تتسارع فيه العولمة وتتهدد الهويات الثقافية، برزت مبادرة إنسانية من قلب الجنوب المغربي. سيدي صلوح الجماني اختار أن يجعل من زيارته للمدرسة العلمية العتيقة ببيفورنا (إقليم تيزنيت) أكثر من مجرد حضور احتفالي بذكرى المولد النبوي الشريف؛ لقد كانت رسالة صامتة لكنها بليغة عن معنى الانتماء والهوية.
جملان… ورسالة أعمق من العطاء
المبادرة تمثلت في تقديم جملين لفائدة طلبة المدرسة، دعماً لاحتياجاتهم اليومية وتشجيعاً لمسارهم العلمي. لكنها لم تكن مجرد إعانة عينية، بل رمزاً لالتقاء التضامن المادي مع عمق القيم الروحية، وإشارة إلى أن التعليم الديني التقليدي ليس إرثاً من الماضي، بل ضمانة للمستقبل.
المدارس العتيقة: حصون للهوية
القائمون على المدرسة وطلبتها رأوا في هذه اللفتة دعماً لمهمة أسمى: الحفاظ على دور المدارس العتيقة كمصانع للعلماء وحفظة القرآن، وكمراكز أنتجت عبر التاريخ المغربي معرفة دينية حصّنت المجتمع من محاولات التغريب والذوبان في أنماط دخيلة.
البعد السياسي للمبادرة
في قراءة أعمق، ما قام به الجماني ليس فعلاً خيرياً فحسب، بل استثمار في البنية الروحية للمغرب. دعم هذه المؤسسات هو دعم لأحد أعمدة الأمن الروحي، ورسالة بأن الحفاظ على الهوية الدينية المعتدلة للمملكة رهان سياسي بقدر ما هو ثقافي وروحي.
انسجام مع الرؤية الملكية
المبادرة تنسجم مع التوجهات الملكية التي تؤكد باستمرار على مركزية المؤسسات الدينية والتعليمية في صون الهوية المغربية المتعددة الروافد، وترسيخ قيم التضامن الوطني. إنها خطوة صغيرة في حجمها المادي، لكنها كبيرة في رمزيتها، تذكّر بأن الهوية لا تُصان بالشعارات، بل بأفعال متجذرة في الوعي المجتمعي.