في قلب جبال الأطلس الصغير، عند التخوم الفاصلة بين ورزازات وطاطا، يرقد دوار “لمدينت أنيسي” كجوهرة طبيعية بكر. مياهه الجارية، واحاتُه الخضراء، وجباله الشامخة ترسم لوحة آسرة، لكنها لوحة محاصرة بطرق وعرة وإهمال تنموي يُبقيها خارج خارطة الاستثمار والسياحة.
شباب يجدون في الوادي ملعبًا ومسبحًا
حين يشتد لهيب الصيف، يتحوّل الوادي إلى “شاطئ جبلي” هو المتنفس الوحيد لشباب الدوار والقرى المجاورة. هناك يقفزون ويسبحون ساعات طوال، في غياب أي مرافق بديلة.
“الوادي هو ملعبنا ومسبحنا ومنتزهنا الوحيد”، يقول حمزة أزكاغ، طالب باك من تازناخت، قبل أن يضيف بنبرة حزن: “لا ملعب قرب، لا دار شباب، لا مسبح بلدي… نحن مضطرون لمواجهة الطريق الوعرة فقط كي نستمتع قليلاً”.
استمتاع محفوف بالمخاطر
هذا الانغماس في الطبيعة ليس بلا ثمن. فوعورة الطريق، غياب التجهيزات، وانعدام أي مراقبة يجعل من كل يوم استجمام مغامرة محفوفة بالمخاطر. الطبيعة هنا تقدم بسخاء، لكن غياب البنية التحتية يحوّل الهبة إلى عبء على سكان المنطقة.
الطرق الوعرة.. عقبة أمام التنمية
المعضلة الكبرى تكمن في الطريق. بضع كيلومترات غير معبدة تعزل المنطقة عن العالم، وتحرمها من فرص أن تتحول إلى وجهة للسياحة البيئية. تعبيد تلك المسالك قد يفتح الباب أمام الاستثمار، ويخلق فرص عمل لأبناء المنطقة، لكنه ما يزال حلماً مؤجلاً.
مطالب جيل يبحث عن الإنصاف
بين صمت الجبال وصخب الوادي، تتلخص مطالب السكان في ثلاث كلمات: طريق، مرافق، سياحة.
- طريق آمنة ومعبدة تربطهم بالعالم.
- ملعب قرب ومسبح ودار شباب تحتضن طموحاتهم.
- وإدماج منطقتهم ضمن الخريطة السياحية الرسمية، بما يتيح سياحة مسؤولة تحفظ سحر المكان وتنعش حياة السكان.
الطبيعة وحدها لا تكفي
“لمدينت أنيسي” تظل شاهدة على التناقض الفجّ: إمكانات طبيعية هائلة، وإهمال تنموي يصرّ على إبقاء المنطقة في الظل. إنها قصة جيل كامل يجد في الطبيعة حضناً، لكنه يطالب بحقه في بنية تحتية تحفظ كرامته، وتفتح له أبواب المستقبل.