تستعد مدينة مليلية المحتلة لاستقبال وفد برلماني من حلف شمال الأطلسي (الناتو) نهاية شتنبر الجاري، في زيارة هي الأولى من نوعها. خطوة قد تثير ردود فعل حادة من الرباط، التي تعتبر كل من سبتة ومليلية أراضٍ مغربية تحت الاحتلال الإسباني.
زيارة بقيادة جنرال متقاعد من حزب الشعب الإسباني
وكشفت صحيفة El Confidencial الإسبانية (11 شتنبر 2025) أن الوفد سيقوده الجنرال المتقاعد فرناندو غوتيريث دياز دي أوتاثو، عضو مجلس الشيوخ عن حزب الشعب ونائب رئيس الجمعية البرلمانية للناتو.
من المتوقع أن يضم الوفد نحو 50 برلمانيًا من 16 دولة عضوًا بالحلف، ليزور المدينة يومي 26 و27 شتنبر، في إطار برنامج يركز على ما وصفته الصحيفة بـ”التحديات الأمنية” في المدينتين المحتلتين، مع استعراض جهود إسبانيا للحد من الهجرة غير النظامية من شمال إفريقيا.
مدريد تتعامل بحذر… خوفًا من توتير العلاقات مع الرباط
الصحيفة أشارت إلى أن الحكومة الإسبانية لم تبدِ حماسًا كبيرًا للزيارة، خشية تداعيات دبلوماسية محتملة مع المغرب، خصوصًا بعد التحسن النسبي للعلاقات الثنائية منذ أزمة 2021.
وفي سبيل تفادي التوتر، امتنع القصر الملكي الإسباني عن زيارة مليلية وسبتة، كما تم تأجيل الاحتفال بالذكرى المئوية لإنزال الحسيمة (1925)، في إشارات واضحة لرغبة مدريد في ضبط حساسية الملف.
برنامج الزيارة… وغياب لافت للسياج الحدودي
يتضمن برنامج الوفد لقاءات مع عناصر الشرطة الوطنية، الحرس المدني، والجيش الإسباني، إلى جانب زيارة مركز استقبال المهاجرين بمليلية. اللافت أن البرنامج لم يشمل زيارة السياج الحدودي الفاصل بين المدينة وباقي التراب المغربي، في مؤشر على محاولة تجنب استفزاز مباشر للرباط.
ملف حساس بين السياسة والأمن
تأتي الزيارة في وقت يتصاعد فيه التوتر بين المغرب وحزب الشعب الإسباني، بعد أن قررت الرباط إغلاق المعابر الجمركية مع سبتة ومليلية، ما اعتُبر رد فعل سياسي على مواقف الحزب الحاكم في المدينتين.
ورغم أن معاهدة واشنطن للناتو لا تشمل صراحة المدينتين المحتلتين ضمن بنود الحماية الجماعية، إلا أن النقاش حول توسيع مفهوم “الدفاع الجماعي” ليشمل مناطق مثل سبتة ومليلية مستمر منذ سنوات، ما يضفي على الملف بعدًا سياسيًا واستراتيجيًا جديدًا.
المستقبل الدبلوماسي للمغرب وإسبانيا
تثير هذه الزيارة تساؤلات حول مستقبل العلاقات المغربية الإسبانية ومدى تأثيرها على التوازنات الإقليمية. فالزيارة قد تُقرأ على أنها دعم أوروبي–أطلسي ضمني لإسبانيا في قضية تعتبرها الرباط ملفًا سياديًا غير قابل للتفاوض.
ويظل موقف المغرب مرهونًا بما ستؤول إليه التحركات الإسبانية القادمة، في ظل محاولات مستمرة من الطرفين لتجنب أزمات دبلوماسية سابقة، وفي الوقت ذاته تحصين كل طرف لمصالحه الاستراتيجية شمال وجنوب المتوسط.