في أول تحركاته بعد التعيين، أعلن الوزير الأول الفرنسي الجديد سيباستيان لوكورنو السبت عن التراجع عن مقترح إلغاء عطلتين رسميتين كان سلفه قد طرحه ضمن خطة لخفض عجز الموازنة، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لمد اليد نحو اليسار وتخفيف حدة التوتر الاجتماعي، وذلك بعد يوم من خفض وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني لفرنسا، بسبب “انعدام الاستقرار السياسي” و”ضعف القدرة على إنجاز برنامج تقشفي واسع”.
سياسة الحوار بدل الصدام
لوكورنو شدد على أن التراجع عن العطلتين يأتي في إطار مقاربة جديدة تهدف إلى تعزيز الحوار مع الشركاء الاجتماعيين وإيجاد بدائل تمويل ميزانية 2026، التي أدت إلى سقوط حكومتين متتاليتين. وأكد أنه لن يفتح من جديد ملف إصلاح نظام التقاعد الذي أثار أزمة اجتماعية عميقة، لكنه أبدى انفتاحه على مصادر تمويل بديلة لحماية الفئات الهشة.
العدالة الضريبية وتقليص الفوارق
حول ضريبة الثروات الكبيرة (“ضريبة زوكمان”)، أعرب لوكورنو عن استعداده لمناقشة قضايا العدالة الضريبية مع المعارضة اليسارية، مؤكداً الانفتاح على مقترحات جديدة لتقليص الفوارق الاجتماعية وتأمين موارد إضافية للخزينة، بما يوازن بين الإصلاح الاقتصادي والحماية الاجتماعية.
دعوة إلى البرلمانيين والحزب اليميني
في محاولة لكسر الجمود البرلماني، دعا لوكورنو أحزاب اليسار الرئيسية إلى التحرر من تبعية فرنسا الأبية، في إشارة إلى الحزب اليساري الراديكالي بقيادة جان-لوك ميلونشون، كما لم يستبعد نقاشات مع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، لكنه رفض الدخول في أي اتفاق سياسي معه.
تحدٍ اجتماعي وجماهيري
تأتي هذه التحركات وسط توتر اجتماعي محتدم، بعد نزول نحو 200 ألف متظاهر إلى الشوارع الأربعاء الماضي احتجاجاً على إجراءات تقشفية، وما زالت النقابات تحشد ليوم احتجاج جديد الخميس المقبل، ليكون الاختبار الأول للحكومة الجديدة أمام الشارع الفرنسي.
معادلة دقيقة بين الداخل والخارج
بين طمأنة الأسواق المالية وإرضاء الشركاء الاجتماعيين، يجد لوكورنو نفسه أمام معادلة دقيقة: إقناع الداخل الفرنسي بجدوى الإصلاحات من دون إشعال موجة غضب جديدة، وإقناع الخارج بقدرة باريس على الحفاظ على مصداقيتها المالية رغم الأزمات السياسية المتلاحقة.