سجّل المغرب خلال الموسم التسويقي 2024/2025 إنجازاً غير مسبوق في تاريخه التجاري مع سويسرا، بعدما تجاوزت عائدات صادرات الأفوكادو 12.2 مليون دولار، في رقم قياسي يعكس تصاعد مكانة المملكة في سوق الفواكه الاستوائية العالمية.
فقد بلغت الكميات المصدَّرة 3,800 طن متري، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف ما تم تصديره في الموسم السابق، وقفزة بأكثر من أربعة أضعاف مقارنة بموسم 2021/2022.
من شحنة صغيرة إلى شريك استراتيجي
القصة بدأت سنة 2003، حين أرسل المغرب أول شحنة رمزية نحو سويسرا بكمية لم تتجاوز 704 كيلوغرامات. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت التجربة إلى مسار نمو متدرّج: تجاوزت الصادرات 100 طن في موسم 2011/2012، ثم 500 طن في موسم 2019/2020.
وفي موسم 2024/2025، وصلت سويسرا إلى 1.4% من إجمالي صادرات المغرب من الأفوكادو، وهي النسبة الأعلى في التاريخ التجاري بين البلدين، بعدما لم تكن تتجاوز 1% في السنوات السابقة.
فبراير الذهبي: حين استحوذ المغرب على السوق السويسرية
بحسب منصة EastFruit المتخصصة في الأسواق الزراعية، تتوزع الصادرات المغربية نحو سويسرا بين شهري شتنبر وماي، مع ذروة ملحوظة في نونبر وفبراير.
ففي فبراير 2025 وحده، بلغت الشحنات المغربية 862 طناً، وهو رقم مكّن الأفوكادو المغربي من السيطرة على 40% من السوق السويسرية خلال ذلك الشهر، متجاوزاً كل التوقعات.
من المرتبة الخامسة إلى الثانية
بفضل هذا الأداء اللافت، أصبح المغرب ثاني أكبر مورّد للأفوكادو إلى سويسرا بعد بيرو، التي ما تزال تتصدر بنسبة تتجاوز 40% من الواردات السويسرية.
قبل سنوات قليلة فقط، كانت المملكة في المرتبة الخامسة، لكنها اليوم تفرض نفسها كمصدر موثوق لمنتج ذي جودة عالية يلبي معايير الاستدامة والذوق الأوروبي الصارم.
سياسة التنويع تثمر: كندا تدخل على الخط
لم يقتصر النجاح المغربي على السوق السويسرية.
ففي الموسم نفسه، تم تصدير أكثر من ألف طن من الأفوكادو إلى كندا، ما يعكس بوضوح التحول نحو تنويع الأسواق وتوسيع الحضور المغربي في أمريكا الشمالية.
هذه السياسة، وفق تقرير EastFruit، تندرج ضمن استراتيجية وطنية لتعزيز عائدات الفلاحة وتحقيق استقرار أكبر للقطاع الزراعي في مواجهة المنافسة من دول كبرى مثل إسبانيا وإسرائيل وتشيلي.
الزراعة الذكية والمستقبل الأخضر
يرى الخبراء أن المغرب يمتلك اليوم فرصة ذهبية لتوسيع حصته في الأسواق الأوروبية والأمريكية بفضل بنيته الفلاحية المتطورة، وقدرته على الجمع بين الجودة العالية والإنتاج المستدام.
فمع تزايد الطلب العالمي على الأفوكادو، يمكن للمغرب أن يتحول إلى قوة تصديرية خضراء توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وتدفع بالقطاع الفلاحي ليصبح أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.