في ليلة تاريخية بمدينة فالباراييسو الشيلية، كتب المنتخب الوطني المغربي لأقل من 20 سنة أجمل فصول الحكاية الكروية المغربية، بعد تأهله المثير إلى نهائي كأس العالم للشباب، عقب فوزه البطولي على نظيره الفرنسي بنتيجة (5-4) بالضربات الترجيحية، في مباراة حبست الأنفاس حتى اللحظة الأخيرة.
حارس بديل… بطل من ذهب
لم يكن الفوز مجرد صدفة، بل ثمرة روح جماعية وإيمان لا يتزعزع.
الاسم الذي دوّى في ملعب “إلياس فيغيروا براندير” كان عبد الحكيم المصباحي، الحارس البديل الذي دخل في لحظة حرجة، ليتحول إلى رمز البطولة بعد تصديه الحاسم لركلة الترجيح الأخيرة، مانحًا المغرب تأشيرة العبور إلى النهائي لأول مرة في تاريخه.
البداية نارية… وركلة جزاء ضائعة
بدأ “أشبال الأطلس” المباراة بعزيمة لا تعرف الخوف، ضاغطين منذ الدقائق الأولى على الدفاع الفرنسي.
وفي الدقيقة 29، لجأ الحكم إلى تقنية البطاقة الخضراء بعد عرقلة إسماعيل باعوف داخل المنطقة، ليحتسب ركلة جزاء نفذها ياسر الزابيري، لكن الحارس الفرنسي أولميتا تصدى لها ببراعة في الدقيقة 32، ليؤجل فرحة المغاربة مؤقتًا.
ورغم إهدار الفرصة، واصل اللاعبون المغاربة الضغط وصناعة الفرص، في مشهد عكس نضجًا تكتيكيًا وشجاعة نادرة في هذا المستوى العمري.
توازن وندية… وسيناريو من أعصاب
في الشوط الثاني، قلب الفرنسيون الموازين بهدف التعادل في الدقيقة 59 عبر لوكاس ميشال، لتشتعل المواجهة من جديد.
وتلقى المنتخب المغربي ضربة موجعة بإصابة الحارس الأساسي يانيس بنشاوش، ما اضطر المدرب إلى إشراك إبراهيم غوميز بدلًا منه.
لكن “الأشبال” قاوموا، وتمسكوا بأملهم حتى صافرة النهاية، ليجرّوا فرنسا إلى الوقت الإضافي، حيث تحولت المباراة إلى ملحمة بدنية ونفسية بكل معنى الكلمة.
بطاقة حمراء… ودماء جديدة في الملعب
في الشوط الإضافي الثاني، واصل الفرنسيون تدخلاتهم الخشنة لكبح اندفاع المغاربة، ليتلقى اللاعب رابي نزينغولا بطاقة حمراء في الدقيقة 107، ما منح “الأشبال” تفوقًا عددياً أعاد إليهم الثقة والضغط المتواصل حتى نهاية اللقاء.
ورغم التعب، لم يتراجعوا، بل واصلوا اللعب بروح من يقاتل من أجل الوطن لا من أجل لقب فقط.
الركلات الترجيحية… لحظة الخلود
عندما وصلت المباراة إلى الركلات الترجيحية، كانت الأنفاس معلقة والعيون دامعة.
ركلة تلو الأخرى، حافظ “الأشبال” على تركيزهم، قبل أن يتصدى عبد الحكيم المصباحي للركلة الفرنسية الأخيرة، في مشهد انفجرت بعده الفرحة المغربية في كل الاتجاهات — من فالباراييسو إلى الدار البيضاء.
المغرب انتصر بخمسة أهداف لأربعة، ليصعد إلى النهائي كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز في فئة أقل من 20 سنة.
أشبال الأطلس… جيل يصنع التاريخ
بهذا الفوز، لم يكتب “الأشبال” مجرّد صفحة في سجل كرة القدم المغربية، بل فتحوا فجرًا جديدًا لجيلٍ يؤمن بأن الحلم المغربي لا سقف له.
لقد أثبتوا أن القميص الأحمر لا يُرتدى… بل يُقاتل من أجله.