في لحظة فارقة تشهدها محافظة السويداء جنوب سوريا، خرج الرئيس السوري أحمد الشرع بكلمة متلفزة مساء السبت، وجه خلالها نداءً مباشراً إلى العشائر العربية وطائفة الدروز، داعياً إياهم إلى “الوقوف صفاً واحداً” والتزام وقف إطلاق النار، في ظل تصاعد العنف الدموي الذي يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي في الجنوب السوري.
نداء للضمير قبل فوات الأوان
قال الشرع إن “سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال والطائفية”، في رسالة واضحة إلى كل من يحاول استغلال الفوضى الراهنة لتفجير البلاد من الداخل.
وأكد أن العشائر في السويداء كانت ولا تزال درعاً وطنياً، وأن “إقصاء طائفة الدروز هو تهديد مباشر لاستقرار الوطن”.
وشدد: “لا يجوز أن نحاكم الطائفة الدرزية الكريمة بأكملها على أفعال قلة قليلة”، في محاولة لوقف سيل الكراهية والانجرار إلى الثأر الجماعي.
عدالة لا انتقام.. وحدة لا فتنة
في أكثر لحظات خطابه قوة وتأثيراً، قال الشرع: “يجب التصدي بحزم لكل من يدعو للثأر”، مؤكداً أن قوة الدولة لا تكمن فقط في سلاحها، بل في “تماسك شعبها وإيمانهم بالعدالة للجميع”.
كلمات اختزلت فيها القيادة السورية الرهان الأكبر: منع الانزلاق إلى الفتنة، وبناء السلام الداخلي على أسس من العدل لا القمع، ومن الوحدة لا الإقصاء.
السويداء تنزف.. والإرهاب يتربص من الخارج
تأتي هذه التطورات في ظل أسبوع دموي شهد اشتباكات دامية بين عشائر بدوية ومجموعات درزية، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 321 شخصاً، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
الأزمة تعقدت أكثر بسبب غارات إسرائيلية على محافظات سورية، تحت ذريعة “حماية الدروز”، ما عرقل جهود الدولة لاحتواء الأزمة، وفتح المجال لسيناريوهات إقليمية محفوفة بالخطر.
وقف النار.. فرصة أخيرة للعودة إلى العقل
صباح السبت، أعلنت الرئاسة السورية بدء انتشار أمني في مناطق السويداء لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار، محذّرة من أي خرق “سيعد انتهاكاً للسيادة وسيُواجه بإجراءات حازمة”.
وفي خطوة استباقية، تم الإعلان عن أربعة اتفاقات متتالية لوقف النار، آخرها صباح اليوم، كنافذة أخيرة للتهدئة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الشرع يراهن على صوت العقل.. لا رصاص الثأر
ختم الشرع كلمته بنداء إنساني: “قوة سوريا ليست في بطشها بل في وحدتها، ولا حل دون مصالحة تحمي الكرامة وترد الحقوق“
في مشهد تبدو فيه كل كلمة محملة بثقل الزمن، ومعاناة الجغرافيا، ورغبة دولة بأكملها في النجاة من السقوط في هوة الطائفية.