في قلب مدينة المحمدية، حيث يُفترض أن المصحات الخاصة تكون ملاذاً للمرضى، تكشف شهادات صادمة عن واقع مُغاير: غرف باردة بلا رعاية، ممرضات غائبات، وأطباء لا يظهرون إلا بعد أن يكون الوقت قد فات.
اللافت أن هذه التجارب القاسية لا تعود إلى غياب المال أو التغطية الصحية، بل إلى مصحات تُطالب بفواتير ضخمة قبل أن تُحرّك ساكناً لإنقاذ حياة إنسان.
حادثة فجّرت الغضب
مواطن مغربي مقيم بالخارج، جاء لقضاء عطلة الصيف في وطنه، فإذا به ينقل إلى مصحة خاصة بعد حادثة سير خطيرة.
لكن بدل الإسعاف الفوري، اصطدمت عائلته بصدمة إضافية:
“طلبوا منا دفع مبلغ مالي أولًا، رغم أن حياته كانت في خطر. وبعد الدفع، تُرك في غرفة دون متابعة، الممرضات نادراً ما يدخلن، والطبيب لم يظهر إلا في اليوم التالي.”
شهادة موجعة تختصر معاناة عشرات المرضى الذين يُعاملون كـ “زبائن”، لا كأرواح في حاجة للنجدة.
فواتير بالملايين… ورعاية غائبة
الأسر التي تلجأ إلى المصحات الخاصة تهرباً من الاكتظاظ والخصاص في المستشفيات العمومية، تجد نفسها أمام واقع لا يقل قسوة:
- شيكات ضمان ومبالغ تسبيق ضخمة قبل أي معاينة.
- رعاية تمريضية شبه غائبة، تترك المرضى عرضة للمضاعفات.
- تعامل بارد يُفرغ مهنة الطب من جوهرها الإنساني.
عندما يُختزل المريض في رقم
بهذا الواقع، تتحول المصحات الخاصة من مؤسسات علاجية إلى مشاريع تجارية بحتة، ترى في المريض “فاتورة تمشي على قدمين”.
هكذا يُختزل الطب من رسالة نبيلة إلى معاملة حسابية، في مشهد يطرح سؤالاً موجعاً: هل أصبحت حياة الإنسان في المغرب تُقاس بعدّاد الفواتير أكثر مما تُقاس بميزان الرحمة؟