أثار إعلان وزارة الفلاحة عن بلوغ عدد رؤوس الماشية في المغرب نحو 33 مليون رأس موجة تساؤلات واسعة: لماذا لا ينعكس هذا الرقم على أسعار اللحوم الحمراء التي ما تزال مرتفعة في الأسواق؟
ورغم وفرة الأغنام والماعز نتيجة إجراءات سابقة شملت دعم الاستيراد وتعليق شعيرة النحر، إلا أن أثمان الكيلوغرام من اللحم ظلت في مستويات عالية، ما أثار استياء المستهلكين وأعاد النقاش حول فعالية السياسات المعتمدة.
الرسوم الجمركية تعود إلى الواجهة
الحكومة قررت إعادة فرض الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة على استيراد الأغنام والماعز والحليب المجفف، بعد أشهر من تعليقها. القرار فتح نقاشًا حول مدى تأثيره على السوق، خصوصًا في ظل استمرار استيراد الأبقار من البرازيل وإسبانيا لتعزيز العرض المحلي.
رواية المهنيين: “الأسعار مستقرة“
هشام جوابري، الكاتب الجهوي لتجار اللحوم الحمراء بالجملة بالدار البيضاء، أكد أن الأسعار مستقرة حاليًا، ولن تتأثر بعودة الرسوم الجمركية، مشيرًا إلى أن وفرة العرض تضمن بقاء الأثمان “في حدود المعقول”.
وأوضح أن ثمن الكيلوغرام يتراوح بين 80 و120 درهمًا، معتبراً أن الأبقار المستوردة من البرازيل الأقل تكلفة مقارنة بالإسبانية والمحلية.
“تجار الأزمات” يرفعون الأسعار
لكن أصواتًا أخرى تختلف. عبد الحق بوتشيشي، المستشار الفلاحي، اعتبر أن الاختلافات الجهوية وغياب تسقيف الأسعار يفتحان الباب أمام المضاربات.
وقال إن بعض الجزارين “يشترون المواشي بأثمان زهيدة ثم يبيعون الكيلوغرام بـ120 درهمًا”، مستغلين الفراغ القانوني في المراقبة، وهو ما يفاقم معاناة المستهلك.
معضلة الأعلاف: أصل الداء
ورغم الأرقام المبهرة للإحصاء، يرى خبراء أن التحدي الحقيقي يكمن في الأعلاف. فالمغرب لا يزال يعتمد على استيرادها بدل إنتاجها محليًا، ما يرفع الكلفة على الكساب ويغذي غلاء اللحوم.
البوتشيشي حذر من استمرار هذا النهج، داعيًا إلى اعتماد برنامج وطني لإنتاج الأعلاف والنباتات الزيتية، التي توفر بدائل غذائية للماشية وتقلل من التبعية للأسواق الخارجية.
مستقبل القطيع بين الإناث والأعلاف
بحسب الخبراء، يحتاج المغرب إلى ما لا يقل عن 30 مليون نعجة لإعادة تكوين قطيعه بشكل متوازن. لكن هذا الهدف لن يتحقق دون استراتيجية واضحة لدعم الأعلاف وتسهيل تكاثر الإناث.
“من دون أعلاف محلية وبأسعار معقولة، لا يمكن ضمان انخفاض أسعار اللحوم ولا استدامة القطيع”، يخلص البوتشيشي.