في مشهد يختلط فيه الخطر بالإثارة، أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات عن تفكيك واحدة من أخطر الشبكات المتخصصة في الاتجار غير المشروع بالحيوانات المحمية، خلال عملية ميدانية دقيقة نُفذت الأحد الماضي في مدينة سيدي بوقنادل التابعة لعمالة سلا.
العملية، التي نُسجت خيوطها بتنسيق محكم بين مصالح الوكالة والدرك الملكي والسلطات المحلية، كشفت عن عالم سري يتاجر في الحياة البرية، خلف واجهات عادية.
مستودع يُحاكي الطبيعة… لكنه يخنقها
داخل مستودع محكم الإعداد، عُثر على فضاء يُحاكي الموائل الطبيعية، لكنه في الحقيقة كان مصيدة كبيرة.
قفصان ضخمان يحتجزان أكثر من 200 طائر بطريقة غير قانونية، بينها أنواع نادرة مثل الببغاء الرمادي الإفريقي واللوري والكايك، إلى جانب ثعبان من نوع بايثون، وعقرب وعنكبوت من فصيلة الرتيلاء.
هذه الكائنات، التي تنتمي إلى فصائل مدرجة ضمن اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض (CITES)، كانت تُعرض للخطر في سوق سري يتغذى على الفضول والربح السريع.
إنقاذ فوري… وحياة ثانية في مركز متخصص
فور تنفيذ العملية، تدخلت فرقة متخصصة من الوكالة الوطنية للمياه والغابات لتأمين الحيوانات وإنقاذها من ظروف الاحتجاز.
نُقلت الكائنات إلى مركز متخصص لإعادة تأهيل الحياة البرية، حيث تتلقى الرعاية اللازمة وتخضع لمتابعة صحية دقيقة، في محاولة لإعادة بعض التوازن لما أفسده الاتجار غير المشروع.
تحقيقات مفتوحة وشبكات في مرمى القانون
الوكالة أكدت أن التحقيق القضائي مفتوح لتحديد هوية المتورطين والشبكات المرتبطة بهم، استناداً إلى القانون رقم 05-29 المتعلق بحماية الأنواع البرية وتنظيم الاتجار بها.
العملية تعكس – وفق بلاغ رسمي – التزام المغرب الراسخ بحماية التنوع البيولوجي وتنفيذ التزاماته الدولية بموجب اتفاقية “سايتس”، التي انضم إليها سنة 1975.
رسالة إلى المواطنين: لا تشتري صمت الطبيعة
في ختام بلاغها، دعت الوكالة عموم المواطنين إلى اليقظة والمسؤولية، مشددة على أن اقتناء أي حيوان أجنبي يجب أن يكون مرفوقاً بوثائق قانونية تثبت مصدره الشرعي.
ففي النهاية، ليست المسألة مجرد تجارة، بل معركة من أجل الحياة — حياة تختنق كلما صمت العالم على جريمة تُرتكب ضد الطبيعة.