إعداد : يوسف كركار
شهدت مدينة الداخلة، اليوم، حراكًا احتجاجيًا غير مسبوق شارك فيه عشرات الشباب والشابات من أبناء المنطقة الأصليين، للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بـ”الإقصاء الممنهج” و”التهميش المستمر” الذي يطالهم في برامج التنمية والتشغيل داخل الجهة.
رفعت الشعارات، وترددت الأصوات في الشوارع مطالبة بـالكرامة والعدالة المجالية، في وقت يعيش فيه العديد من شباب الداخلة حالة من الإحباط أمام انسداد الأفق الاجتماعي وغياب فرص العمل.
منتخبون غائبون و”أبواب مغلقة“
في صلب هذه الاحتجاجات، وجّه الشباب انتقادات حادة إلى المنتخبين والبرلمانيين المحليين، متهمين إياهم بـ”اللامبالاة” و”انعدام التواصل” مع الساكنة، مؤكدين أن “الأبواب مغلقة، ولا آذان صاغية”.
بالنسبة لهؤلاء المحتجين، لم تعد الوعود السياسية كافية. يقول أحدهم: “نُقصى من كل المبادرات رغم أننا أبناء هذه الأرض… نطالب فقط بحقنا في العيش الكريم.”
نداء إلى الوالي: إنقاذ ما يمكن إنقاذه
وسط تصاعد الغضب، وجّه المحتجون نداءً مباشراً إلى والي جهة الداخلة وادي الذهب، السيد علي خليل، المعروف بحنكته في إدارة الأزمات وتفاعله مع قضايا المواطنين، داعين إلى تدخل عاجل لفتح قنوات الحوار وإيجاد حلول ملموسة لأزمة البطالة التي تُثقل كاهل شباب الجهة.
يرى الكثيرون أن والي الجهة، منذ تعيينه، جسّد مقاربة قوامها القرب من المواطن، ما جعل الشباب يأملون أن يكون مجددًا صلة الوصل بين مطالبهم المشروعة والسلطات المركزية.
الكرامة أولاً… والعمل حق لا امتياز
أكد المحتجون تمسّكهم بمطالبهم دون تراجع، وعلى رأسها الإدماج الفعلي في سوق الشغل، وإعطاء الأولوية لشباب المنطقة داخل الأوراش التنموية الكبرى التي تعرفها الداخلة، معتبرين أن “الكرامة لا تُمنح بل تُنتزع بالنضال السلمي والمسؤول”.
بالنسبة لهم، لا يتعلق الأمر فقط بمطالب اجتماعية، بل بمعركة من أجل الاعتراف: اعتراف بكفاءاتهم، بانتمائهم، وبحقهم في أن يكونوا جزءًا من مستقبل مدينتهم.
بين الصمت الرسمي والغضب الشعبي
الاحتجاجات الأخيرة تُعيد طرح السؤال القديم الجديد: إلى أين تتجه الداخلة؟
هل ستظل نموذجًا للتنمية السياحية والاستثمارية دون أن يستفيد أبناؤها من ثمارها؟ أم أن صوت الشارع سيكون جرس إنذار لإعادة ترتيب الأولويات في واحدة من أكثر جهات المغرب دينامية واستراتيجية؟
في انتظار الإجابة، يبقى الشارع هو المنبر الأخير لشبابٍ أنهكهم الصمت، ولا يملّون من تكرار جملتهم الواضحة:
“نريد فقط أن نُعامل كمواطنين من هذه الأرض، لا كغرباء فيها.”