أكد خالد الشيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن إعلان الولايات المتحدة عن احتمال التوصل إلى اتفاق سلام بين المغرب والجزائر يعكس تدخلًا أمريكيًا مكثفًا في قضايا دولية حساسة، على رأسها القضية الفلسطينية، ودورها الحاسم في قطاع غزة، ما يظهر قوة تأثير واشنطن وقدرتها على إدارة الأزمات الإقليمية.
نجاح الاتفاق مرتبط بالتحولات الداخلية الجزائرية
وأشار الشيات إلى أن نجاح أي اتفاق بين المغرب والجزائر يتطلب تحولات جذرية في السياسة الداخلية الجزائرية، تشمل تجديد الهياكل القيادية واعتماد خيارات عقلانية في العلاقات الإقليمية، مع ضرورة تعاون الأطراف والتزامها بالحلول السلمية لإنهاء النزاع حول الصحراء المغربية.
إعلان أمريكي وتحديد مهلة 60 يومًا
تصريحات واشنطن عن إمكانية التوصل لاتفاق خلال 60 يومًا تعكس رغبتها في حل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء، الذي يسيطر على النقاشات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مؤكدًا أن النزاع المغربي-الجزائري لا يمكن حله إلا بتطبيع العلاقات بين الرباط والجزائر.
الجزائر وموقفها التقليدي
رغم ادعاءات الجزائر بعدم كونها طرفًا مباشرًا، يرى الشيات أن عقيدتها الداخلية والخارجية تبنى على العداء للمغرب وتهديد إقليمي دائم، ويشير إلى أن تصريحات الرئيس الجزائري الأخيرة تؤكد استمرار هذا الخطاب، الذي يعتبر النزاع حول الصحراء رأس مال سياسي لإعادة إنتاج المنظومة التقليدية والسيطرة الإقليمية.
شروط نجاح الوساطة الأمريكية
أوضح الشيات أن نجاح الوساطة الأمريكية يعتمد على عنصرين رئيسيين:
- الضغط على النظام الجزائري الذي لا يتفاعل إلا تحت تأثير القوى الكبرى.
- استعداد الأطراف المعنية، بما فيها المغرب، لقبول الحلول السلمية.
كما أكد أن الوساطة تعتمد على الحوار والمفاوضات السلمية، مع التركيز على الحكم الذاتي كآلية رئيسية لإنهاء النزاع، وأن استمرار تدخل البوليساريو يمثل عقبة أمام أي تقدم.
جيل جديد للتفاوض
يشير الشيات إلى أن جيل البوليساريو الحالي، “جيل الرفض”، غير قادر على التنازل، وأن تمكين أطراف جديدة قادرة على التفاوض ضروري لتحقيق الحل، مع مراعاة شرطين أساسيين:
- شرط موضوعي: إصلاح المنظومة السياسية الداخلية للجزائر.
- شرط شكلي: وجود شخصيات سياسية جديدة قادرة على دفع العملية التفاوضية إلى الأمام.
دور مجلس الأمن والبيئة الإقليمية
أوضح الأكاديمي أن أي قرار يصدر عن مجلس الأمن سيكون حاسماً في إمكانية تحقيق اتفاق سياسي قابل للتطبيق، مؤكداً ضرورة مشاركة الجزائر مباشرة في المفاوضات، وأن بيئة إقليمية مستقرة تشكل عنصرًا أساسياً لنجاح الحكم الذاتي دون تحويله إلى أداة للجزائر.
السنوات القادمة حاسمة
خلص الشيات إلى أن استمرار الجزائر في نهجها التقليدي قد يعيد السنوات القادمة إلى نمط الماضي، بينما أي تعاون جزائري مع القرارات الدولية الداعمة لمجلس الأمن سيمهد الطريق لعلاقات طبيعية بين المغرب والجزائر، تشمل إعادة فتح الحدود والتعاون الاقتصادي والدبلوماسي، ما يعكس الأهمية الحاسمة للدور الأمريكي في تحقيق الاستقرار الإقليمي.














