الفوسفات المغربي: كنز استراتيجي يعيد رسم خريطة صناعة الأسمدة عالميًا

فؤاد القاسمي25 يناير 2025آخر تحديث :
الفوسفات المغربي: كنز استراتيجي يعيد رسم خريطة صناعة الأسمدة عالميًا

التقرير الأخير لشركة “فيتش سوليوشنز” يعكس تفاؤلاً بمستقبل قطاع الأسمدة في المغرب، مستنداً إلى احتياطيات الفوسفات الهائلة التي تمتلكها المملكة. هذه الموارد الاستراتيجية تضع المغرب في قلب المشهد العالمي لصناعة الأسمدة، مع إمكانيات استثمارية ضخمة رغم التحديات.

المغرب: لاعب رئيسي في سوق الفوسفات العالمي

يُعد المغرب أكبر مستودع عالمي للفوسفات، إذ يحتضن 67.6% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، متفوقًا بفارق شاسع على الصين التي لا تملك سوى 5.1%.

ورغم هذه الهيمنة الجغرافية، يساهم المغرب بـ15.9% فقط من الإنتاج العالمي للفوسفات، مقارنة بالصين التي تستحوذ على 40.9%.

هذا التفاوت يعكس إمكانيات هائلة للنمو إذا ما تم تعزيز الكفاءة الإنتاجية.

نمو مطرد واستثمارات واعدة

شهد إنتاج الفوسفات في المغرب قفزات نوعية خلال السنوات الماضية. فبينما بلغ متوسط الإنتاج السنوي 30.14 مليون طن بين 2014 و2018، ارتفع بنسبة 22.8% في الفترة بين 2019 و2023 ليصل إلى 37 مليون طن.

هذه الأرقام تؤكد أن المملكة تسير على طريق التوسع المستمر، ما يفتح الباب لاستثمارات إضافية تُعزز من مكانتها في هذه الصناعة الحيوية.

استراتيجية “OCP”: القيمة المضافة محور الاهتمام

تعمل مجموعة “OCP”، عملاق الفوسفات المغربي، على تعزيز سلسلة القيمة من خلال ضخ استثمارات ضخمة في مصانع تحويل الفوسفات الخام إلى أسمدة متطورة.

هذه الاستراتيجية لا تقتصر على التصنيع، بل تشمل تطوير الموانئ والبنية التحتية اللوجستية لتسهيل تصدير المنتجات إلى الأسواق العالمية، وخاصة الأسواق الناشئة في أفريقيا وآسيا.

الأسمدة: ركيزة أساسية لصادرات المغرب

تُعد الأسمدة أحد أعمدة الاقتصاد المغربي، حيث تمثل 12.9% من إجمالي عائدات الصادرات في عام 2023.

وارتفعت حصة المملكة في السوق العالمية من 3.2% في 2012 إلى 5.9% في 2023.

أما في قطاع الأسمدة الفوسفاتية، فإن المغرب يسيطر على 25.9% من الإنتاج العالمي، مما يعزز مكانته كأحد أبرز الموردين عالميًا.

أفريقيا: سوق المستقبل

تمثل القارة الأفريقية فرصة ذهبية للمغرب في قطاع الأسمدة، حيث يستحوذ على 15% من واردات الأسمدة في القارة.

ومع انخفاض معدلات استخدام الأسمدة في العديد من الدول الأفريقية، تبدو الفرصة سانحة لتعزيز الأمن الغذائي وزيادة الإنتاجية الزراعية في المنطقة، مستفيدًا من الخبرات المغربية في هذا المجال.

تحديات المياه: الحاجة إلى حلول مبتكرة

رغم النظرة الإيجابية، يواجه القطاع تحديًا محوريًا يتمثل في ندرة المياه.

يُعد استخراج الفوسفات ومعالجته من العمليات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، ما يضع ضغطًا إضافيًا على الموارد المائية في بلد يعاني من إجهاد مائي بنسبة 50.8%.

ومع ذلك، يعمل المغرب على استحداث حلول مبتكرة مثل مشاريع تحلية المياه لضمان استدامة القطاع واستمرارية النمو.

آفاق مشجعة رغم التحديات

بفضل احتياطياته الهائلة وموقعه الاستراتيجي، يُعد المغرب في طريقه لترسيخ مكانته كقوة عالمية في صناعة الأسمدة.

ومع استمرار الاستثمار في البنية التحتية والابتكار في مواجهة التحديات البيئية، يبدو المستقبل مشرقًا لهذا القطاع، الذي يحمل آمالًا كبيرة لتعزيز الاقتصاد الوطني ودعم الأمن الغذائي العالمي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة