فضيحة تهز القطاع البنكي: موظفون يتلاعبون بتوقيعات الزبائن لتسهيل التحايل المالي
في تطور صادم يثير علامات استفهام حول نزاهة التعاملات البنكية، كشفت مصادر مطلعة عن تحرك عاجل لمصالح الرقابة الداخلية لإحدى المجموعات البنكية الكبرى في الدار البيضاء، للتحقيق في خروقات خطيرة تتعلق بتدبير التوقيعات المودعة من قبل الزبائن في عدد من الوكالات التجارية.
توقيعات “على الطلب”.. وموظفون يسهلون عمليات احتيال
التقارير الأولية التي وصلت إلى الجهات الرقابية تشير إلى تورط موظفين بنكيين في تسهيل عمليات تحايل باستخدام بطاقات توقيعات الزبائن.
فبدلاً من الالتزام بالإجراءات القانونية الصارمة، سمح هؤلاء الموظفون بتغييرات متكررة على التوقيعات دون إشعار مسبق للجهات المختصة، وهو ما استغله بعض الزبائن لتجنب العقوبات القانونية المترتبة على إصدار شيكات بدون رصيد، حيث يتم رفض صرف الشيك لاحقًا بحجة “عدم تطابق التوقيع”.
عمولات مشبوهة.. واستغلال خدمة بنكية مربحة
التحقيقات الأولية كشفت عن مسؤولين متورطين في التلاعب بتوقيعات الزبائن، وهي خدمة بنكية تفرض رسومًا تصل إلى 700 درهم، ولا تعتبر ضمن الخدمات المجانية.
وتثير الشكوك حقيقة تكرار رفض الشيكات لنفس الزبائن، أغلبهم يديرون شركات بناء ومقاولات صغرى ومتوسطة، حيث يُشتبه في أنهم دفعوا عمولات مالية للموظفين المتورطين لتسهيل هذه العمليات غير القانونية.
كورونا.. ذريعة للتلاعب والإفلات من الرقابة؟
يُعتقد أن المتورطين استغلوا حالة الارتباك التنظيمي التي أعقبت جائحة كورونا، حيث انشغلت الوكالات التجارية بتنفيذ برامج تمويل عمومية عاجلة مثل “ضمان إقلاع” و”ضمان أوكسجين”.
كما ساهم تأخر عمليات التنقلات الإدارية في بقاء الموظفين المتورطين في مناصبهم لفترة أطول، مما منحهم فرصة للاستمرار في التلاعب دون رقابة فعالة.
شكاوى للنيابة العامة.. ومطالب بمحاسبة المتورطين
يتجه المتضررون من هذه التلاعبات إلى رفع شكاوى رسمية لدى النيابة العامة، بعد فشلهم في تحصيل مستحقاتهم المالية. ويواجه أصحاب الشيكات صعوبات في متابعة محرريها بتهمة إصدارها بدون رصيد، بسبب هذا التحايل الذي يعرقل الإجراءات القانونية.
قانون العقوبات.. سيف ذو حدين في مواجهة الشيكات بدون رصيد
يُذكر أن الفصل 544 من القانون الجنائي ينص على عقوبات تصل إلى الحبس لمدة خمس سنوات وغرامات مالية لا تقل عن قيمة الشيك في حال إصدار شيك بشرط عدم صرفه فورًا.
ووفقًا لتقرير بنك المغرب، تم رفض 802 ألف و826 شيكًا لأسباب متنوعة في سنة واحدة، وأكثر من نصفها (57.5%) كان بسبب نقص أو غياب الرصيد، مما يسلط الضوء على حجم المشكلة.
خفايا مثيرة في التحقيقات.. ومراجعة محتملة للتقارير السابقة
تكشف التحقيقات الأولية عن تفاصيل مثيرة، حيث قام بعض الموظفين بإيداع أموال من حساباتهم الخاصة لتجنب رفض شيكات الزبائن المتورطين، على أن يستردوها لاحقًا مع عمولات إضافية.
ويُتوقع أن يتم مراجعة تقارير التدقيق السابقة لتحديد مدى تورط مسؤولين آخرين في الوكالات المعنية ومساءلتهم عن هذه الخروقات الخطيرة.
هذه الفضيحة المدوية تضع القطاع البنكي المغربي أمام تحديات كبيرة تتعلق بالنزاهة والشفافية، وتزيد من الدعوات لتعزيز الرقابة وتقوية الثقة في النظام المالي، الذي يعتبر عصب الاقتصاد الوطني.
فهل ستكشف التحقيقات عن حجم التورط الحقيقي في هذه القضية؟ وهل ستنجح السلطات في استعادة الثقة المفقودة في القطاع البنكي؟