إصلاح محدود لا يكفي لتطلعات النساء المغربيات
بصوت موحّد وحسٍّ مدني عالٍ، أكدت التنسيقية النسائية للتغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة أن أي إصلاح شكلي أو محدود لن يكون كافياً لتلبية طموحات النساء المغربيات، اللواتي يواصلن الإسهام في تنمية البلاد من مواقع هشة وغير منصفة.
وجاء في نداء التنسيقية بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية، أن الإصلاح المنتظر يجب أن يكون تحولاً شاملاً ومهيكلاً، يُنهي مظاهر الحيف والتمييز، ويؤسس لمدونة أسرة تنتمي إلى مغرب المستقبل، حيث المساواة ليست شعاراً بل ممارسة قانونية ومجتمعية.
رؤية لمغرب المساواة والعدالة والكرامة
التنسيقية شددت على أن المشروع المنتظر لا بد أن يندرج في رؤية تقدمية متكاملة، تعكس روح الدستور المغربي لسنة 2011 والتزامات المملكة الأممية، وترتقي إلى مستوى اللحظة الحقوقية والسياسية التي يعيشها المغرب اليوم.
وأكد النداء أن الإصلاح المنشود يجب أن يتجاوز أنصاف الحلول والتوازنات الظرفية، وأن يجسد إرادة جماعية في الانتصار لقيم الحداثة الديمقراطية، بما ينسجم مع طموحات البلاد في التنمية والريادة الإقليمية والدولية.
71 جمعية توقع على نداء للتاريخ
وقع على هذا النداء 71 جمعية وهيئة حقوقية نسائية، في خطوة رمزية تعبّر عن إجماع مدني نادر حول ضرورة التغيير.
وشددت الهيئات الموقعة على أن مصداقية المغرب في مساره الديمقراطي، وفي احترام التزاماته الدولية، تتوقف على جرأة الإصلاح وقدرته على تحقيق المساواة الفعلية بين النساء والرجال.
من لحظة التأسيس إلى لحظة التحول
ذكّرت التنسيقية بأن مدونة الأسرة لسنة 2004 كانت “لحظة تأسيسية”، بينما المراجعة الحالية يجب أن تكون لحظة تحول حاسمة، تؤكد أن المغرب ماضٍ بثقة نحو المستقبل، لا عودة فيه إلى الوراء.
وأضافت أن ما تحقق قبل عقدين شكّل منعطفاً في تاريخ التشريع الأسري، حين اختار المغرب أن يجسر الفجوة بين الجنسين بشجاعة سياسية نالت احترام الداخل والخارج.
عشرون سنة من التحولات المجتمعية
اليوم، وبعد مرور عشرين سنة على الإصدار الأول، تغيّر الواقع المغربي جذرياً — ديمغرافياً، اجتماعياً، وتعليمياً — وأصبح من الضروري أن تواكب المدونة تطلعات النساء والأجيال الجديدة.
وأكدت التنسيقية أن دستور 2011 وما تلاه من التزامات دولية، رسّخ مبدأ حظر التمييز بسبب الجنس، وفرض على الدولة واجب إعمال المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
أسئلة المرحلة… وإرادة التغيير
تساءلت التنسيقية بوضوح:
“هل نريد فعلاً تكريس مبدأ المساواة الفعلية بين النساء والرجال كما نص عليه الدستور؟
وهل نحن في طريقنا نحو ترسيخ الكرامة والمواطنة الكاملة للنساء كما للرجال، والمصلحة الفضلى للأطفال؟”
أسئلة تختصر جوهر اللحظة التاريخية التي يعيشها المغرب، بين الحفاظ على المكتسبات ومواجهة التحديات الجديدة برؤية إصلاحية شجاعة.
من خطاب العرش إلى دينامية التغيير
أشارت التنسيقية إلى أن العديد من الفاعلات والفاعلين المدنيين ساهموا في بلورة مقترحات ورؤى عملية حول تعديل المدونة، في تجاوب مع الدينامية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2022، الذي دعا فيه إلى مراجعة شاملة ومنصفة.
إصلاح مصيري… من أجل أجيال الغد
واختُتم النداء بتأكيد أن تعديل مدونة الأسرة ليس مجرد إصلاح قانوني، بل خيار استراتيجي ومصيري يهم الأجيال الحالية والقادمة.
تغييرٌ عميق يراد له أن يؤسس لمغرب جديد، تتساوى فيه الفرص، وتتوازن فيه الحقوق، وتُكتب فيه المواطنة بضمير المساواة.