تغرق أروقة مكتب تنمية التعاون في صمتٍ ثقيل يخفي وراءه أزمةً متفاقمة يعيشها الأطر والمستخدمون، الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة التهميش وسندان سوء التدبير. المؤسسة التي يفترض أن تكون نموذجاً للعمل الجماعي والتضامن المهني، تحولت ـ كما يقول المكتب النقابي ـ إلى فضاء يخلو من روح التعاون، وتُكمم فيه الأصوات الحرة.
بلاغ نقابي يرسم ملامح الانحدار
في بلاغٍ ناري صدر عقب اجتماع المكتب النقابي بمقر الاتحاد المغربي للشغل، نُقلت صورة مقلقة عن تدهور المناخ المهني داخل المؤسسة.
البلاغ اتهم الإدارة بـ”اعتماد أسلوب سلطوي يقوم على التهديد، والتنقيلات التعسفية، والعقوبات الانتقامية”، في تجاهل تام ـ حسب البيان ـ لكرامة العاملين وحقوقهم.
كما انتقد النقابيون ما وصفوه بـ”هيكلة مفصلة على المقاس”، أُعدت دون إشراك المعنيين، معتبرينها أداة لتكريس المحسوبية وإقصاء الكفاءات، وتحويل المكتب من فاعل تنموي إلى واجهة احتفالية ترفع الشعارات بدل أن تنجز المشاريع.
نداء إنقاذ قبل فوات الأوان
بلهجة تنذر بالخطر، دعا المكتب النقابي كاتب الدولة المكلف بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني إلى التدخل العاجل لإنصاف الأطر والمستخدمين وحماية المؤسسة من مزيد من التدهور.
وأكد البلاغ استعداد النقابة لخوض كل المساطر القانونية “دفاعاً عن الكرامة المهنية وصوناً للمرفق العمومي من العبث الإداري”.
رسالة أعمق من مجرد احتجاج
وراء البلاغ، تكمن رسالة إنسانية أعمق:
إن الاقتصاد الاجتماعي لا يمكن أن يُدار بعقلية الإقصاء أو بلغة التهديد، لأن فلسفته تقوم على الثقة، والتعاون، والاحترام المتبادل.
حين تغيب هذه القيم، تفقد المؤسسات معناها وتتحول من فضاءات بناء إلى مساحات خوف.
كرامة الإنسان.. جوهر الإصلاح الحقيقي
لقد حان الوقت ـ كما يرى المتتبعون ـ لمراجعة أساليب التسيير، ليس فقط داخل مكتب تنمية التعاون، بل داخل كل مؤسسة عمومية تمس كرامة موظفيها.
فالإدارة المغربية اليوم بحاجة إلى قيادة تؤمن بأن احترام الإنسان ليس امتيازاً، بل هو أصل المواطنة ومقياس حقيقي لنجاح أي إصلاح.