عيد الفطر يقرع الأبواب.. والمغاربة يتمسكون بتقليد “كسوة العيد” رغم لهيب الأسعار!
مع اقتراب حلول عيد الفطر المبارك، يعود الشوق لكسوة الأطفال بثياب جديدة، تقليد عريق دأب عليه المغاربة جيلًا بعد جيل.
غير أن الحفاظ على هذا الموروث الثقافي بات مكلفًا في السنوات الأخيرة، حيث تشتعل أسعار الملابس والمنسوجات، خاصة المستوردة منها، لتضع العائلات أمام تحدٍ اقتصادي حقيقي.
“موسم العيد” ينعش السوق.. لكن الأسعار المستوردة تحرق الجيوب
ورغم موجة الغلاء، تشهد الأسواق المغربية إقبالًا ملحوظًا على اقتناء ملابس العيد، خاصة للأطفال، في الأسبوع الأخير من شهر رمضان. هذا الموسم السنوي يمثل متنفسًا لقطاع النسيج والألبسة، الذي ينتعش نسبيًا بعد ركود طوال العام.
وتشير مصادر إلى وفرة وجودة المعروض من السلع، سواء كانت منتجات محلية أو مستوردة. إلا أن الارتفاع الصاروخي في أسعار المنتجات المستوردة، القادمة من الصين وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي، يثير قلق المستهلكين.
أزمة عالمية تضرب جيوب المغاربة.. و”الرسوم الجمركية” تزيد الطين بلة
ويؤكد التجار أن ارتفاع أسعار الملابس ظاهرة عالمية، لا تقتصر على المغرب، وتعزى إلى عوامل متعددة، في مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الأولية عالميًا، بالإضافة إلى تكاليف الشحن الباهظة، التي تأثرت بالحرب في أوكرانيا والاضطرابات في منطقة البحر الأحمر.
كما أشاروا إلى أن ارتفاع تسعيرة الرسوم الجمركية، خاصة على السلع التركية، فاقم المشكلة. فشحن الكيلوغرام الواحد من الملابس التركية الشتوية، المعروفة بوزنها الثقيل، يتراوح بين 90 و100 درهم، مما يجعل استيرادها مكلفًا للغاية.
قدرة شرائية متآكلة.. والمنتج المحلي “طوق النجاة”؟
يضاف إلى غلاء الأسعار من المنبع، تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، نتيجة سنوات الجفاف المتتالية وتداعيات الصدمات الاقتصادية المتلاحقة، بدءًا من أزمة كورونا.
كل هذه العوامل تضع المستهلكين في موقف حرج، وتهدد قطاع تجارة الملابس والمنسوجات برمته.
وفي هذا السياق، يبرز المنتج المحلي المغربي كبديل ممكن لتجاوز إشكالية ارتفاع أسعار المستورد. حيث يمكن للمواطن اقتناء طقم عيد لأطفاله بأسعار تبدأ من 100 درهم.
تجار يحاولون التوازن.. وأطقم العيد تراعي “جيوب” الجميع
ويؤكد التجار أنهم حاولوا توفير أطقم ملابس بأسعار تتراوح بين 100 و600 درهم، لتناسب القدرة الشرائية لكل الشرائح الاجتماعية، وتراعي ذوي الدخل المحدود. ويستهدفون بشكل خاص الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و14 سنة.
قطاع النسيج.. ركيزة اقتصادية رغم التحديات
يظل قطاع النسيج والملابس أحد الركائز الأساسية للصناعة المغربية، حيث يضم أكثر من 1600 شركة، توظف حوالي 190 ألف شخص، ويحقق رقم معاملات يقارب 50 مليار درهم.
كما يعتبر المغرب شريكًا مميزًا لمجموعات دولية كبرى، مثل شركة “إنديتكس”، المالكة للعلامة التجارية “زارا”، التي أقامت وحدات إنتاجها في المملكة.
ورغم التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، يبقى الأمل معلقًا على قدرة المنتج المحلي على تلبية جزء من احتياجات السوق، وتمكين المغاربة من الحفاظ على تقليد “كسوة العيد” لأطفالهم، وإدخال الفرحة على قلوبهم في هذه المناسبة السعيدة.