يبدو أن احتجاجات جيل زد التي اجتاحت مدناً مغربية خلال الأسابيع الأخيرة بدأت تُحدث صدى حقيقياً في دوائر القرار، بعدما دفعت حكومة عزيز أخنوش إلى التراجع عن خططها الرامية لتفعيل الزيادة الثانية في أسعار قنينات الغاز، في إطار خطة رفع الدعم التدريجي عن المواد الأساسية وتقليص نفقات صندوق المقاصة.
ضغط الشارع يوقف عجلة الإصلاحات غير الشعبية
الغضب المتصاعد في الشارع جعل أي زيادة جديدة في سعر الغاز مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر، قد تشعل موجة جديدة من السخط الشعبي.
وتحاول مكونات الأغلبية الحكومية إرسال إشارات تهدئة، مؤكدة أنها “تستمع لنبض الشارع” ومستعدة لمراجعة أولوياتها الاجتماعية.
تصريحات فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بأن “قرار الزيادة في أسعار الغاز غير مطروح حالياً”، بدت بمثابة تراجع تكتيكي لامتصاص الغضب، بينما كان النقاش حول رفع الأسعار قد عاد بقوة إلى الواجهة مع حلول الصيف.
بين وعود الحكومة وتحذيرات بنك المغرب
إشارات متضاربة غذّت الشكوك. ففي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة طمأنة المواطنين، كشف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال ندوة صحفية عقب اجتماع مجلس الإدارة، أن السلطات تدرس رفع سعر قنينة الغاز بـ10 دراهم بين ماي ويونيو 2025، في إطار خطة شاملة لتقليص الدعم تدريجياً.
هذه الخطة، التي كانت سترفع سعر القنينة إلى 63 درهماً ثم إلى 73 درهماً في مراحل لاحقة، بدت وكأنها مؤجلة الآن بفعل نبض الشارع وضغط الاحتجاجات الشبابية.
جيل زد.. احتجاج رقمي يتحول إلى ورقة ضغط سياسية
مصادر مهنية أكدت أن مهنيي توزيع الغاز لم يتلقوا أي إشعار رسمي بزيادة الأسعار، في مؤشر على تجميد القرار مؤقتاً تحت تأثير احتجاجات جيل زد، التي انتقلت من العالم الرقمي إلى الشارع لتفرض حضورها كقوة اجتماعية جديدة في المشهد المغربي.
ويرى مراقبون أن هذا الجيل، الذي خرج من رحم الأزمات الاقتصادية وتحديات البطالة، بدأ يتحول إلى عامل ضغط سياسي فعّال، يعيد ترتيب أولويات الحكومة، ويجبرها على مراجعة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية قبل أي خطوة تمس القدرة الشرائية للمواطن.