في خطوة تشريعية تُنهي فصلاً طويلاً من الجدل القانوني، أعلن وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن الأمانة العامة للحكومة تضع اللمسات الأخيرة على مراجعة شاملة لقوانين الشيكات، ترمي إلى إلغاء العقوبات السجنية المرتبطة بالشيكات بدون رصيد، وفتح الباب أمام مقاربة مدنية أكثر عدالة وإنصافًا.
نقلة نوعية في التعامل مع الشيكات
وخلال جلسة للبرلمان، كشف وهبي أن القانون الجديد سيُحدث تحولاً جذريًا في المنظومة القانونية المتعلقة بالشيكات، حيث سيتم إلغاء التجريم الفوري لهذه القضايا وتصنيفها ضمن النزاعات المدنية، ما يعني إنهاء ممارسات كانت تجرّ آلاف المواطنين إلى السجن لأسباب مالية.
قضايا الأزواج.. من المحكمة إلى المصالحة
من أبرز ما تضمنته هذه الإصلاحات: إسقاط المتابعات القضائية في الشيكات المتبادلة بين الأزواج، وإطلاق سراح المعتقلين في مثل هذه القضايا، مع إلغاء مذكرات البحث الصادرة بشأنها.
خطوة وُصفت بأنها تضع حدًا لاستغلال الشيكات كسلاح داخل الأسرة.
من الزنزانة إلى السوار الإلكتروني
القانون الجديد لا يغفل عن حماية الحقوق المالية، إذ يمنح مهلة شهرية لتسوية الديون المرتبطة بالشيكات، مع اعتماد السوار الإلكتروني كبديل حضاري للاعتقال.
وإذا لم تُحل القضية خلال هذه المهلة، سيتم تمديدها تحت مراقبة إلكترونية مشددة، ما يعزز الثقة من دون المساس بالحريات الفردية.
تعزيز الثقة مع تشديد الردع عند التكرار
رغم تخفيف العقوبات، شدد وهبي على أن الحكومة مصممة على الحفاظ على هيبة الشيك كأداة مالية أساسية، معلنًا عن تشديد العقوبات ضد المكررين للمخالفات بعد أول إنذار، في محاولة لإيجاد توازن بين تحصين الدائنين ومنح المدينين فرصة لتصحيح أوضاعهم.
بين العدالة والواقعية.. اختبار حقيقي للتعديل
هذه التعديلات التي طال انتظارها تُمثّل ثورة قانونية تهدف إلى تقليص السجون في قضايا مالية، وتقديم رؤية أكثر إنسانية تواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية.
لكن يبقى السؤال: هل تنجح هذه المقاربة في تحقيق توازن فعلي بين حماية الحقوق الفردية والمالية؟
الواقع المالي المغربي على موعد مع اختبار حاسم.