أثار إعلان وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن مشروع القانون الجنائي الجديد موجة نقاشات محتدمة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد الكشف عن مقتضيات تُشدد العقوبات لتطال أولياء أمور القاصرين المضبوطين بحيازة أسلحة بيضاء في الفضاء العام، في خطوة وصفها البعض بالجريئة، واعتبرها آخرون مثيرة للجدل.
تشديد غير مسبوق لمواجهة السلاح الأبيض
خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، شدد وهبي على أن النص الجديد يأتي استجابة لتنامي ظاهرة حمل السلاح الأبيض، التي أصبحت تهدد أمن وسلامة المواطنين بشكل خطير.
واستدل الوزير بحوادث مأساوية، من بينها تشويه وجوه فتيات صغيرات، وبتر يد شرطي في أكادير، جراء اعتداءات بأسلحة بيضاء.
وقال وهبي بلهجة حازمة: “لا معنى لحمل سكين أو سيف أو حتى ملقط في الشارع العام”، معلنًا أن النيابة العامة والقضاء سيدعمان تشديد العقوبات لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة، انسجامًا مع مضامين القانون الجديد الجاري إعداده.
الأسرة في قلب المحاسبة
النقطة التي فجرت الجدل كانت تصريح الوزير بتحميل أولياء الأمور مسؤولية تصرفات أبنائهم القاصرين.
إذ أكد وهبي: “إذا كان من يحمل السلاح الأبيض قاصرًا، فسنحاسب والده.
لا يُعقل أن يتحول الشارع العام إلى ساحة للسكاكين.”
موجة تفاعلات متباينة
التصريحات قسمت الرأي العام بين مؤيد يرى في القرار خطوة ضرورية لضبط الظاهرة، ومعارض يعتبره تحميلًا مفرطًا للأسر فوق طاقتها.
- أنصار القرار يرون أن ربط المسؤولية بالأسر قد يدفع الآباء لممارسة رقابة أشد على أبنائهم، ما يساهم فعليًا في الحد من انتشار العنف المرتبط بالسلاح الأبيض.
- المنتقدون، من جهتهم، اعتبروا أن الأمر غير واقعي، خاصة بالنظر إلى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي تواجهها الأسر المغربية، مما يجعل مراقبة الأبناء بشكل دائم مهمة شبه مستحيلة.
كتب أحد النشطاء تعليقًا لافتًا: “في ظل صعوبات الحياة اليومية، هل يستطيع الآباء أن يراقبوا أبناءهم 24 ساعة على 24؟”
في المقابل، أشار آخرون إلى أن تحميل الأسرة جزءاً من المسؤولية قد يشكل ورقة ضغط تربوية فعالة، خاصة في المناطق الهشة التي تعرف ارتفاعا في معدلات الجريمة والعنف.
توازن دقيق بين الردع والدعم الاجتماعي
يفتح هذا النقاش الباب أمام قضايا أعمق تتعلق بحدود مسؤولية الأسرة والدولة في ضبط سلوك القاصرين بالفضاء العام، ويبرز الحاجة لمقاربة متعددة الأبعاد، تقوم على:
- تكثيف حملات التوعية بمخاطر العنف وحمل السلاح.
- دعم الأسر الهشة عبر برامج اجتماعية مخصصة.
- تفعيل آليات الزجر القانونية بحزم وعدالة.
رغم اتفاق غالبية الآراء على ضرورة التصدي بقوة لظاهرة السلاح الأبيض، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد معادلة ناجعة تجمع بين تشديد العقوبات، وتمكين الأسر من أداء أدوارها التربوية والاجتماعية بفعالية.
تصريحات وهبي أعادت تسليط الضوء على واحد من أخطر التحديات الأمنية والاجتماعية بالمغرب: كيف نوازن بين الردع القانوني والدعم الاجتماعي لمنع انفلات الظاهرة؟
الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن مدى قدرة هذا التوجه الجديد على إحداث الفرق المأمول.