بقلم إدريس اسلفتو – ورزازات
ورزازات: أطفال في عمر الزهور يحترفون بيع المتلاشيات
في مشهد يتكرر وسط أحياء تارميكت وعلى أطرافها، ينهمك أطفال في البحث داخل أكوام النفايات وحاويات القمامة المهترئة، يتفحصون المخلفات والمتلاشيات على أمل العثور على ما يصلح للبيع لكسب بضعة دراهم تسد رمق احتياجاتهم.
يتحول هؤلاء الأطفال إلى عمال صغار يخاطرون بصحتهم الجسدية والنفسية، في مواجهة واقع مؤلم لا يعترف بطفولتهم ولا يرحم براءتهم.
واقع مرير يتربص بالطفولة
هذه الظاهرة، التي أصبحت أشبه “بحرفة” منتشرة في مناطق الفقر والتهميش، تكشف عن وضعية مأساوية تعيشها الطفولة في جماعة تارميكت.
حيث ينغمس هؤلاء الأطفال في أنشطة محفوفة بالمخاطر، تشمل جمع النحاس والمتلاشيات الحديدية، التي يُعتقد أحيانًا أن مصادرها مشكوك فيها، وهو ما يضعهم في دائرة شبهة قانونية وأخلاقية.
أحياء ودواوير بأكملها تتحول إلى بؤر للبؤس، ترسم ملامح مأساة تنذر بكارثة اجتماعية وإنسانية إذا استمر هذا الإهمال.
الأسرة.. المسؤولية الأولى
الأسرة هي الركيزة الأولى لتنشئة الطفل وإعداده للحياة، لكن الكثير من هذه الحالات تعكس غيابًا تامًا لدور الأسرة في التوجيه والرعاية.
بدلاً من تحفيز الأبناء على الدراسة واللعب وتطوير إمكانياتهم، نجد أطفالًا ينجرفون نحو أنشطة مشبوهة وسلوكيات منحرفة، نتيجة إهمال تربوي واضح.
المجتمع المدني.. الحاضر الغائب
يُفترض أن يكون للمجتمع المدني دور فعال في حماية الأطفال وتوفير بيئة تنموية آمنة لهم، لكن هذه الظاهرة تعكس غياب مبادرات حقيقية تُعنى بإنقاذ الأطفال من دائرة الفقر والإهمال.
أين دور الجمعيات في رفع مستوى الوعي بخطورة هذه الظاهرة؟
وأين البرامج الموجهة لإعادة هؤلاء الأطفال إلى مقاعد الدراسة بدلًا من متاهات النفايات؟
دعوة للتدخل العاجل
إن واقع أطفال تارميكت وأمثالهم يحتاج إلى تدخل عاجل وشامل، يبدأ بإعادة تفعيل دور الأسرة كحضن دافئ يوجه الطفل نحو حياة كريمة.
كما يجب على المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية تحمل مسؤوليتها من خلال إطلاق برامج توعوية وتنموية تُعنى بإنقاذ هذه الفئة من براثن الإهمال.
المشهد يتطلب نهضة جماعية، لأن الأطفال هم مستقبل المجتمع، وأي إهمال لهم اليوم هو إهمال لمستقبل أكثر إشراقًا للجميع.