مراجعة مدونة الأسرة في المغرب: بين تحديث التشريعات وتصحيح المغالطات

هشام النكر29 ديسمبر 2024آخر تحديث :
مراجعة مدونة الأسرة في المغرب: بين تحديث التشريعات وتصحيح المغالطات

تشهد المراجعة المرتقبة لمدونة الأسرة في المغرب نقاشاً حيوياً على مختلف المستويات، مع تفاعل لافت من المجتمع المدني والفعاليات الحقوقية. تهدف هذه الخطوة إلى تحديث القوانين الأسرية بما يتماشى مع المتغيرات الاجتماعية، إلا أن انتشار الشائعات والمعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ألقى بظلاله على النقاش، مما أثار جدلاً بين التأييد والانتقاد.

الحضانة والنفقة: بين الحقيقة والمغالطات

من أبرز الشائعات التي أثارت الجدل، الادعاء بأن الحضانة تبقى للأم حتى بعد زواجها، وأن الأب يُلزم بالإنفاق على طليقته وزوجها الجديد. في الواقع، ينص القانون المغربي بوضوح على أن مسؤولية الأب تقتصر على الإنفاق على أبنائه فقط، بينما تنتهي التزاماته تجاه طليقته بانتهاء فترة العدة. كما يمكن للأب التقدم بطلب إسقاط الحضانة إذا ثبت أن ذلك يصب في مصلحة الطفل الفضلى.

العمل المنزلي والثروة المشتركة: جدل حول التقدير

أعادت التعديلات المقترحة إشعال النقاش حول “تقاسم الثروة”، وهو موضوع حساس منذ إصدار مدونة الأسرة عام 2004. المقترحات الجديدة لا تُلزم الرجل بتقاسم ممتلكاته المكتسبة قبل الزواج، لكنها تسعى إلى تقدير مساهمة الزوجة في بناء الثروة المشتركة، بما في ذلك العمل المنزلي. يهدف هذا الإجراء إلى تحقيق التوازن بين الطرفين بناءً على معايير مثل مدة الزواج والظروف الاقتصادية.

حماية الأسرة بعد وفاة الزوج

تتضمن المراجعة الجديدة مقترحاً يسمح للزوجة والأبناء بالبقاء مؤقتاً في بيت الزوجية بعد وفاة الزوج، دون استثنائه من التركة أو تمليكه لهم. هذا التعديل يهدف إلى توفير حماية إنسانية للأسرة، خاصة إذا كان المسكن المورد الوحيد، مع الحفاظ على حقوق الورثة الآخرين.

تسهيلات للمغاربة في الخارج

أحد أكثر الشائعات تداولاً هو إلغاء شرط “الإسلام” في الشهادة على الزواج، وهو أمر غير صحيح. التعديلات المقترحة تستهدف المغاربة المقيمين بالخارج، حيث قد تعيق القوانين المحلية توثيق عقود الزواج في غياب شهود مسلمين. يسعى هذا التعديل لتسهيل الزواج وفق قوانين الدول المضيفة مع الحفاظ على الشروط الشرعية داخل المغرب.

الموازنة بين الشرع والمجتمع

تعمل التعديلات على التوفيق بين الاجتهاد الفقهي والمصالح المجتمعية، مع إشراف المجلس العلمي الأعلى لضمان توافقها مع الشريعة الإسلامية. وتعكس التوجيهات الملكية رؤية المملكة لتطوير التشريعات الأسرية بما يحمي حقوق الأسرة ويعزز الاستقرار.

أبرز ملامح التعديلات

  • تيسير إجراءات الزواج: تقليص التعقيدات الإدارية والقانونية لتسهيل توثيق الزواج.
  • تعزيز القضاء المتخصص: تطوير المحاكم الأسرية وتأهيل الكوادر القانونية لضمان الإنصاف والجودة.
  • آليات جديدة للصلح: إنشاء هيئات للوساطة لحل النزاعات الأسرية بشكل ودي بعيداً عن القضاء.
  • نظام الطلاق الاتفاقي: توفير خيار إنهاء الزواج وديًا أمام العدول دون اللجوء إلى المحاكم.

تُبرز هذه التعديلات رؤية المغرب لتطوير التشريعات الأسرية بما يتماشى مع العصر، مع الحفاظ على التوازن بين الشرع وحقوق الأسرة، مما يعكس نهجاً متقدماً يسعى لتحقيق العدالة والإنصاف في المجتمع.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة