حق التعديل بين النصوص الدستورية وخصوصية المراسيم بقوانين
تجدد الجدل داخل مجلس النواب، خلال جلسة عامة عُقدت يوم الإثنين، حول أحقية النواب في تقديم تعديلات على مشاريع قوانين تصادق على مراسيم بقوانين.
الجلسة التي خُصصت لمناقشة مشروع القانون رقم 23.25، المتعلق بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.25.168، أعادت طرح سؤال جوهري: هل يمكن تعديل مضمون مرسوم بقانون داخل البرلمان، أم أن ذلك يُعد مسًّا بخصوصيته القانونية؟
العدالة والتنمية يتمسك بحق التعديل: “لسنا بصدد تعديل المرسوم بل القانون“
قادت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية موجة المطالبة بالتعديل، مؤكدة أن الحق في إدخال تعديلات على مشروع القانون مؤطر بدستور المملكة، وبالضبط في الفصل 83، إلى جانب المادة 189 من النظام الداخلي.
وأكد عبد الله بوانو، رئيس المجموعة، أن ما يُطلب تعديله ليس المرسوم في حد ذاته، بل مشروع القانون المعروض للتصديق، مشددًا على أن المحكمة الدستورية سبق أن أصدرت ثلاث قرارات تؤكد هذا الحق.
الحكومة وبعض الفرق البرلمانية: المرسوم بقانون خارج نطاق التعديل
في المقابل، اعتبر مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن هذا النقاش مكانه ليس الآن، داعيًا إلى تخصيص فضاء مؤسسي للتداول حوله مستقبلًا.
أما النائب سعيد بعزيز عن الفريق الاشتراكي، فشدد على أن المرسوم بقانون يُعد إجراءً استثنائيًا منح للحكومة في حالة الاستعجال، ولا يمكن تعديله بعد المصادقة عليه، بل تُتاح إمكانية إدخال التعديلات لاحقًا عبر مقترحات قوانين مستقلة.
رؤساء فرق: المسطرة الخاصة تقيد حق التعديل والمخرج بيد المحكمة الدستورية
تعددت مواقف رؤساء الفرق النيابية، بين من رأى أن الأمر يحتاج اجتهادًا في ضوء مستجدات الواقع البرلماني، ومن تمسك بمبدأ توازي الأشكال واحترام خصوصية المراسيم بقوانين.
رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، أوضح أن تعديل مشروع القانون لا يمكن أن يشمل إلا مادته الوحيدة، بينما محمد شوكي عن التجمع الوطني للأحرار أكد أن التعديلات، وإن كانت صحيحة شكليًا، فهي تمس جوهر المرسوم الذي تمت ممارسته فعليًا، ما يُخل بالتوازن المؤسساتي.
الطالبي العلمي يحسم: تعديل النظام الداخلي هو الحل الدستوري الآمن
من جانبه، قدّم رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، تصورًا قانونيًا لحل الإشكال، مفاده أن الأمر لا يمكن حسمه بموجب النظام الداخلي الحالي أو قرارات سابقة للمحكمة الدستورية التي رفضت التدخل في خلافات داخلية.
وأوضح أن أفضل مخرج دستوري هو تضمين هذا النقاش ضمن تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، بما يتيح للمحكمة الدستورية البت فيه بشكل مباشر، داعيًا إلى الابتعاد عن منطق المناورة والاحتكام إلى منطق المؤسسات.
نهاية الجدل مؤقتًا… وسحب التعديلات تهدئة تكتيكية
وبناء على اقتراح رئيس المجلس، قررت المجموعة النيابية سحب التعديلات، في خطوة قرأها كثيرون على أنها تهدئة مؤقتة في انتظار الحسم النهائي للمسألة من طرف المحكمة الدستورية، بعد تعديل النظام الداخلي بشكل يضع حدًا لهذا النوع من التأويلات القانونية.