بوليساريو… اعتداءات خارج ساحة المعركة
رغم أن مناطق مثل لبيرات، الزاك، أسا، طانطان، طاطا، أقا، فم الحصن، ومحاميد الغزلان لم تكن جزءًا من رقعة المواجهة المباشرة في نزاع الصحراء، إلا أنها شهدت خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي موجة عنف غير مسبوقة من طرف عناصر مسلحة تابعة لجبهة البوليساريو، استهدفت مدنيين عُزّل في منازلهم، خلال تنقلاتهم، وحتى داخل الواحات النائية.
شهادات صادمة… ووقائع موثقة
الناجون وذوو الضحايا، إلى جانب تقارير موثقة، رسموا مشهداً دامياً: اختطافات واغتيالات وتعذيب واختفاءات قسرية. كل ذلك بعيداً عن أي خط مواجهة، ما يرفع هذه الجرائم إلى مستوى أعمال إرهابية عابرة للحدود، لا مجرد تجاوزات في سياق نزاع تقليدي.
حين تكون “الأماكن الآمنة” مسرحاً للإرهاب
ما يضاعف فظاعة هذه الانتهاكات هو وقوعها في مناطق يُفترض أن تكون آمنة، خارج دوائر التوتر العسكري، مما يكشف طابعاً ممنهجاً للعمليات ويجعل من البوليساريو طرفاً ليس فقط في نزاع سياسي، بل فاعلاً إرهابياً استهدف مدنيين بلا حماية.
الحاجة لإطار قانوني… الصوت الذي لم يُسمع
اليوم، وبعد مرور عقود، لا يزال الضحايا وأسرهم دون آلية مؤسساتية تُنصفهم أو تُحيل معاناتهم إلى مسار عدالة حقيقية. الفراغ القانوني والمؤسساتي لا يخدم سوى الإفلات من العقاب، ويُضعف الترافع المغربي في المحافل الدولية.
دعوة لتأسيس هيئة للدفاع والتوثيق
هناك حاجة ملحة لإحداث إطار قانوني ومؤسسي يُشرف على تجميع الشهادات، تأهيلها قانونياً، وتوجيهها نحو المسارات القضائية الوطنية والدولية.
هيئة تنسق بين محامين وخبراء حقوقيين، وتُعدّ مذكرات قانونية وشكاوى جماعية توجه إلى آليات الأمم المتحدة المختصة.
المعركة اليوم: معركة إنصاف وذاكرة
هذا الإطار لا يجب أن يكون مجرد هيكل إداري، بل منصة نضال قانوني ترفع صوت الضحايا، وتعزز مصداقية المغرب في كشف الوجه الحقيقي للبوليساريو ككيان تورّط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. كما يُسهم في توحيد الجهود، وتحصين الخطاب المغربي أمام حملات التضليل والابتزاز السياسي.
العدالة ليست خياراً… بل التزام
لا يمكن بناء المستقبل دون رد الاعتبار للماضي. لذلك، فإن إنصاف ضحايا إرهاب البوليساريو هو حق قانوني وإنساني، ورسالة واضحة مفادها: لن تُنسى الجرائم، ولن يُفلت الجناة، مهما مرّ الزمن.
حان الوقت لكسر الصمت، وتحويل الألم إلى قوة قانونية فاعلة.