في ظل تصاعد التحديات الرقمية وتزايد التهديدات التي تطال القاصرين في الفضاء السيبراني، كشفت وزارة العدل عن حزمة إصلاحات تشريعية ومؤسساتية، تهدف إلى تحصين المجتمع الرقمي وتعزيز حماية الأطفال والمراهقين من مخاطر الإنترنت.
تحول رقمي بلا حماية؟ العدالة تُعيد ترتيب الأولويات
ردًّا على سؤال برلماني بشأن مراقبة محتوى وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيره على الفئات الناشئة، أوضحت وزارة العدل أن المغرب تبنّى مقاربة شاملة قائمة على تعزيز الإطار القانوني، والانخراط في الاتفاقيات الدولية، إلى جانب إطلاق مبادرات توعوية تربوية تستهدف القاصرين والأسر.
الجرائم الإلكترونية… تهديد يتجاوز الشاشات
وأكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن التطور التكنولوجي السريع جلب معه ظواهر إجرامية مستجدة، تهدد حرية الأفراد، خصوصيتهم، وأمن المؤسسات.
وأبرز أن المغرب يعمل وفق رؤية دولية لمحاصرة هذه الانزلاقات الرقمية، وعلى رأسها الجرائم الإلكترونية التي أصبحت تتطور بسرعة تفوق آليات الرد التقليدية.
اتفاقية بودابست… بوابة المغرب نحو أمن سيبراني عالمي
في هذا السياق، صادق المغرب على اتفاقية بودابست للجريمة الإلكترونية منذ 2018، باعتبارها الإطار الدولي المرجعي لمكافحة الجرائم الرقمية، بالإضافة إلى بروتوكولين إضافيين يجرّمان خطاب الكراهية الرقمي، ويعززان التعاون الدولي في تعقب المجرمين الرقميين، وتتبع الأدلة الإلكترونية بتوازن يراعي حقوق الإنسان.
على منصة الأمم المتحدة… المغرب يُساهم في صياغة مستقبل السياسات السيبرانية
وأفادت الوزارة أن المغرب شارك ضمن اللجنة الأممية المكلفة بإعداد اتفاقية دولية شاملة لمكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات لأغراض إجرامية.
الاتفاقية الجديدة، المعروضة على الجمعية العامة للأمم المتحدة، ستُفتح للتوقيع سنة 2025 بفيتنام، وتشمل جرائم مثل الاحتيال الرقمي، استغلال الأطفال، الإرهاب السيبراني، والاتجار الرقمي في المخدرات.
مشروع قانون جنائي رقمي… العدالة تُلاحق الجريمة بالذكاء
في الإطار الوطني، تشتغل وزارة العدل على مراجعة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية لملاءمتهما مع المستجدات الرقمية، من خلال تجريم انتحال الهوية الرقمية، النشر غير المشروع للصور والمحتويات الجنسية، والاعتداء على الخصوصية الرقمية، مع تشديد العقوبات في حال استهداف القاصرين أو المسّ بالكرامة الإنسانية.
كما سيتم تقنين بيع واستيراد معدات التجسس الرقمي، وتجريم تركيب أو استخدام برمجيات خبيثة، بما يعزز الحماية الوقائية قبل وقوع الجريمة.
التوعية سلاح وقائي… والأطفال أولوية رقمية
في جانب التوعية، أكدت الوزارة مشاركتها في اللجنة الوطنية لتعزيز ثقافة الاستخدام الرقمي، من خلال إطلاق برامج تحسيسية موجّهة للناشئة، تشمل فيديوهات تفاعلية، ألعاب تعليمية، رسوم متحركة، وورشات ميدانية ترسّخ ثقافة الأمن الرقمي لدى الأطفال والأسر.
التزام مستمر… نحو بيئة رقمية آمنة ومتوازنة
وزارة العدل ختمت بلاغها بالتشديد على التزامها الدائم بملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، في أفق بناء منظومة عدالة رقمية حديثة، تحصّن المجتمع من الانحرافات الإلكترونية، وتضمن حماية فعالة للفئات الهشة من المخاطر الرقمية المتزايدة.