- من «إصلاح» يُعلن… إلى خنق يُحاك
ما يُسوَّق اليوم كـ«تحديث للمنظومة القانونية» ليس سوى معولٍ جديد في يد التحالف المالي‑السياسي.
موادّ براقة في ظاهرها، لكنها تُخنق غرف الأخبار في العمق، وتحيل المؤسسات إلى أذرعٍ دعائية تتجنّب كل ما يزعج صاحب القرار أو صاحب الشيك.
- شراء الأصوات… بالقانون
النصّ يمنح المقاولة الواحدة عشرين صوتاً إضافياً إذا راكمت أرباحاً أكبر.
بكبسة حبر، تتحوّل صناديق الاقتراع إلى بورصة مفتوحة: مَنْ يدفع أكثر يكتب “المسودة الأخيرة” للقرار المهني.
إنها «ديمقراطية رأسمالية» بلا مساحيق.
- بريطانيا وكندا شاهدتان
الـ IPSO في بريطانيا، والـ NNC في كندا، يقفان على النقيض: أصوات متساوية، تمثيل مُنتخب، ووزن المال صفر في صندوق الانتخاب.
المقارنة تكشف فضيحة النص المغربي الذي يخلط بين الأرباح والشرعية.
- التعيين بدل الاقتراع: انقلاب هادئ على الدستور
الناشرون لن يُنتخبوا بل “يُنتدَبون” من جمعيات قد تدور في فلك المموّل نفسه. إنها عودة إلى الوصاية المقنّعة، وخرقٌ صريح للمادة 28 من الدستور التي تُحرّم أي وصاية على الصحافة.
- مجلس بنكهة طبقية
القانون صامت حيال تمثيل الصحافة المكتوبة والسمعية‑البصرية والوكالة على قدم المساواة. النتيجة: «نقابة أغنياء» تُدير الدفّة، بينما يُصفَّق للفئات الهشّة من هامش القاعة.
- التحكيم القسري… ومحكمة داخلية تحت الطلب
عندما يصبح اللجوء إلى التحكيم إلزامياً، يتحول المجلس الوطني إلى قاضٍ وجلّاد في آن. أسوأ ما فيه؟ إمكانية توقيف الصحيفة بقرار إداري مغلف بعبارة «تنظيمي».
مؤشرات صريحة على انزلاق ديمقراطي تُنبّه إليها تقارير «مراسلون بلا حدود» و«هيومن رايتس ووتش».
- لوبي المال يكتب الخبر
بأصوات مضاعفة ومقاعد محجوزة، يمسك الرأسمال بمقود المجلس. الخبر يُفصَّل حسب مقاس المعلن والسلطة، والتحقيق الاستقصائي يتحول إلى إعلان مدفوع الأجر.
- قوانين على المقاس: تصفية لا إصلاح
هذا المشروع لا يُرمّم بيت الصحافة؛ بل يهدم ما تبقّى من أركانه. إنه يشرعن التبعية ويُجهز على آخر جيوب الاستقلالية تحت شعار «الإصلاح».
- الطريق إلى الخلاص: جبهة مهنية ومدنية مضادة
لا إصلاح بلا ديمقراطية تشاركية.
على النقابات والمنظمات الحقوقية والقوى المدنية أن تُسقط هذا التشريع أو تُعيد صياغته من الصفر.
فالصحافة تُبنى بالحريات لا بالوصايات، بالتنظيم الذاتي لا بوصفات احتكارية.
الخلاصة:
الإطار القانوني الجديد لا يحرّر الصحافة المغربية؛ بل يضعها في قفص ذهبي يملك مفاتيحه المال والسلطة.
إن لم تُشكَّل جبهة مهنية‑مدنية تُقاوم هذا المسار، فسنشهد، قريباً، دفن التنظيم الذاتي نهائياً تحت ركام «إصلاح» صُمِّم ليُخرس لا ليُصلح.