رغم القرار الرسمي بتعليق شعيرة عيد الأضحى لسنة 2025 بسبب تداعيات الجفاف وتقلص القطيع الوطني، لم تخفت حرارة العيد في الأسواق الأسبوعية بمناطق مختلفة من المغرب، حيث عرف يوم الأحد 18 ماي إقبالاً لافتاً من المواطنين على اقتناء الأضاحي، في مشهد يعكس تشبثاً جماعياً بطقوس مترسخة في الوجدان الشعبي.
طقوس أقوى من القرار
ما جرى في أسواق مثل “علال البحراوي” بالخميسات و”ولاد الصباح” بالصخيرات، لم يختلف كثيراً عن أجواء مواسم عيد الأضحى السابقة؛ حركة بيع وشراء نشطة، عربات “تريبورتور” تنقل الأكباش إلى الأحياء، وعائلات تتفاوض بحماس، وكأن القرار لم يُتخذ قط.
العديد من المواطنين اعتبروا اقتناء الأضحية جزءاً لا يتجزأ من طقوس العيد، حتى وإن غاب الذبح، حيث تحولت الأضحية في بعض الحالات إلى رمز اجتماعي أو مناسبة للولائم الجماعية واللمة الأسرية.
خروف بـ1800 درهم: الفرصة التي لا تُفوّت
المفارقة هذا العام كانت في الأسعار. فبينما كان من المتوقع أن تشهد الأكباش ارتفاعاً بسبب شح القطيع، جاءت الأسعار منخفضة نسبياً، بل وصادمة للبعض. فقد تراوحت الأثمان بين 2000 و6000 درهم، مع تسجيل تخفيضات غير مسبوقة.
أحد المشترين تحدث بفرح عن اقتنائه كبشاً بـ1800 درهم، مؤكداً أن السعر كان يتجاوز 5000 درهم قبل أسبوع واحد فقط. “ما قدرتش نخلي الفرصة تفلت… حتى لو ما ذبحتوش، كيبقى فرحة للوليدات ولمّة العائلة”، يقول وهو يحمّل الكبش على التريبورتور.
بين الوليمة والرمز… دوافع متعددة
لم يكن الهدف من شراء الأضاحي موحداً هذا العام. فبين من أراد إقامة وليمة عائلية، ومن أراد الحفاظ على العادة، ومن اكتفى بشراء الكبش كرمز للعيد… تعددت الدوافع، لكن القاسم المشترك بينها جميعاً كان الحنين للتقاليد ورغبة قوية في الاحتفال رغم كل شيء.
وبينما فضّل سكان القرى والأسواق المحلية شراء الأضاحي من محيطهم، توجّه سكان المدن والمناطق الحضرية إلى الأسواق الكبرى بحثاً عن جودة مضمونة وسعر منافس.
عيد رغم الجفاف… والمغاربة أوفياء للطقوس
رغم الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع تربية المواشي بفعل الجفاف المتكرر وغلاء الأعلاف، أثبت المغاربة مجدداً أنهم شعب يحتفل حتى في الشدائد، ويتمسك بتقاليده ما استطاع إليها سبيلاً.
ورغم كل التحديات، تظل روح عيد الأضحى حاضرة في الأسواق والبيوت والقلوب، بطقوس قد تتغير في الشكل… لكنها ثابتة في معناها العميق.